سلمة عن محمد بن إسحاق قال كان من حديث كسرى كما حدثني بعض أصحابي عن وهب بن منبه أنه كان سكر دجلة العوراء وأنفق عليها من الأموال ما لا يدرى ما هو وكان طاق مجلسه قد بنى بنيانا لم ير مثله وكان يعلق تاجه فيجلس فيه إذا جلس للناس وكان عنده ستون وثلثمائة رجل من الحزاة والحزاة العلماء من بين كاهن وساحر ومنجم قال وكان فيهم رجل من العرب يقال له السائب يعتاف اعتياف العرب قلما يخطئ بعث به إليه بإذان من اليمن فكان كسرى إذا حزبه أمر جمع كهانه وسحاره ومنجميه فقال انظروا في هذا الامر ما هو فلما أن بعث الله نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم أصبح كسرى ذات غداة وقد انقصمت طاق ملكه من وسطها من غير ثقل وانخرقت عليه دجلة العوراء فلما رأى ذلك أحزنه وقال انقصمت طاق ملكي من وسطها من غير ثقل وانخرقت على دجلة العوراء شاه بشكست يقول الملك انكسر ثم دعا كهانه وسحاره ومنجميه ودعا السائب معهم فقال لهم انقصمت طاق ملكي من غير ثقل وانخرقت على دجلة العوراء شاه بشكست انظروا في هذا الامر ما هو فخرجوا من عنده فنظروا في أمره فأخذ عليهم باقطار السماء وأظلمت عليهم لأرض وتسكعوا في علمهم فلا يمضى لساحر سحره ولا لكاهن كهانته ولا يستقيم لمنجم علم نجومه وبات السائب في ليلة ظلماء على ربوة من الأرض يرمق برقا نشأ من قبل الحجاز ثم استطار حتى بلغ المشرق فلما أصبح ذهب ينظر إلى ما تحت قدميه فإذا روضة خضراء فقال فيما يعتاف لئن صدق ما أرى ليخرجن من الحجاز سلطان يبلغ المشرق تخصب عنه الأرض كأفضل ما أخصبت من ملك كان قبله فلما خلص الكهان والمنجمون بعضهم إلى بعض ورأوا ما قد أصابهم ورأى السائب ما رأى قال بعضهم لبعض تعلمون والله ما حيل بينكم وبين علمكم إلا لأمر جاء من السماء وإنه لنبي قد بعث أو هو مبعوث يسلب هذا الملك ويكسره ولئن نعيتم لكسرى ملكه ليقتلنكم فأقيموا بينكم أمرا تقولونه له تؤخرونه عنكم إلى أمر ما ساعة فجاؤوا كسرى فقالوا له إنا قد نظرنا في هذا الامر فوجدنا
(٥٩٧)