الأزرق نزلا في جمع عظيم من العرب بشاطئ الفرات وشنوا الغارة على أهل السواد واجترأ أعداؤه عليه وغزوا بلاده وبلغ من اكتنافهم إياها أن سميت منخلا كثير السمام وقيل قد اكتنف بلاد الفرس الأعداء من كل وجه كاكتناف الوتر سيتى القوس وأرسل شابة ملك الترك إلى هرمز وعظماء الفرس يؤذنهم بإقباله في جنوده ويقول رموا قناطر أنهار وأودية اجتاز عليها إلى بلادكم واعقدوا القناطر على كل نهر من تلك الأنهار لا قنطرة له وافعلوا ذلك في الأنهار والأودية التي عليها مسلكي من بلادكم من بلاد الروم لا جماعي بالمسير إليها من بلادكم فاستفظع هرمز ما ورد عليه من ذلك وشاور فيه فاجمع له على القصد لملك الترك فوجه إليه رجلا من أهل الري يقال لهم بهرام بن بهرام جشنس ويعرف بجوبين في اثنى عشر ألف رجل اختاره بهرام على عينيه من الكهول دون الشباب ويقال ان هرمز عرض ذلك الوقت من كان بحضرته من الديوانية فكانت عدتهم سبعين ألف مقاتل فمضى بهرام بمن ضم إليه مغذا حتى جاز هراة وباذغيس ولم يشعر شابة ببهرام حتى نزل بالقرب منه معسكرا فجرت بينهما رسائل وحروب وقتل بهرام شابة برمية رماه إياها وقيل إن الرمي في ملك العجم كان لثلاثة نفر منها رمية ارشياطين بين منوشهر وفراسيات ومنها رمية سوخرا في الترك ومنها رمية بهرام هذه واستباح عسكره وأقام بموضعه فوافاه برموذة بن شابة وكان يعدل بأبيه فحاربه فهزمه وحصره في بعض الخصون ثم ألح عيه حتى استسلم له فوجهه إلى هرمز أسيرا وغنم مما كان في الحصن كنوزا عظيمة ويقال إنه حمل إلى هرمز من الأموال والجوهر والآنية والسلاح وسائر الأمتعة مما غنمه وقرمائتى ألف وخمسين ألف بعير فشكر هرمز لبهرام ما كان منه بسبب الغنائم التي صارت إليه وخاف بهرام سطوة هرمز وخاف مثل ذلك من كان معه من الجنود فخلعوا هرمز وأقبلوا نحو المدائن وأظهروا الامتعاض مما كان من هرمز وأن ابنه أبرويز أصلح للملك منه وساعدهم على ذلك بعض من كان يحضرة هرمز فهرب ابرويز بهذا السيب إلى آذربيجان خوفا من هرمز فاجتمع إليه هناك عدة من المرازبة
(٥٨٦)