حسابك الذين وضعت على حسابهم طاق ملكك وسكرت دجلة العوراء وضعوه على النحوس فلما اختلف علهما الليل والنهار وقعت النحوس على مواقعها فزال كل ما وضع عليهما وإنا سنحسب لك حسابا تضع عليه بنيانك فلا يزول قال فاحسبوا فحسبوا له ثم قالوا له ابنه فبنى فعمل في دجلة ثمانية أشهر وأنفق فيها من الأموال ما لا يدرى ما هو حتى إذا فرغ قال لهم أجلس على سورها قالوا نعم فامر بالبسط والفرش والرياحين فوضعت عليها وأمر بالمرازبة فجمعوا له واجتمع إليه اللعابون ثم خرج حتى جلس عليها فبينا هو هنا لك انتسفت دجلة البنيان من تحته فلم يستخرج الا بآخر رمق فلما أخرجوه جمع كهانه وسحاره ومنجميه فقتل منهم قريبا من مائة وقال سمنتكم وأدنيتكم دون الناس وأجريت عليكم أرزاقي ثم تلعبون بي قالوا أيها الملك أخطأنا كما أخطأ من كان قبلنا ولكنا سنحسب لك حسابا فتثبت حتى تضعها على الوثاق من السعود قال انظروا ما تقولون قالوا فإنا نفعل قال فاحسبوا فحسبوا له ثم قالوا له ابنه فبنى وأنفق من الأموال ما لا يدرى ما هو ثمانية أشهر من ذي قبل ثم قالوا قد فرغنا قال أفأخرج فاقعد عليها قالوا نعم فهاب الجلوس عليها وركب برذونا له وخرج يسير عليها فبينا هو يسير فوقها إذ انتسفته دجلة بالبنيان فلم يدرك إلا بآخر رمق فدعاهم فقال والله لامرن على آخركم ولا نزعن أكتافكم ولأطرحنكم تحت أيدي الفيلة أو لتصدقني ما هذا الامر الذي تلفقون على قالوا لا نكذبك أيها الملك أمرتنا حين انخرقت عليك دجلة وانقصمت عليك طاق مجلسك من غير ثقل أن ننظر في علمنا لم ذلك فنظرنا فأظلمت علينا الأرض وأخذ علينا بأقطار السماء فتردد علينا علمنا في أيدينا فلا يستقيم لساحر سحره ولا لكاهن كهانته ولا لمنجم علم نجوم فعرفنا أن هذا الامر حدث من السماء وأنه قد بعث نبي أو هو مبعوث فلذلك حيل بيننا وبين علمنا فخشينا إن نعينا لك ملكك أن تقتلنا وكرهنا من الموت ما يكره الناس فعللناك عن أنفسنا بما رأيت قال ويحكم فهلا تكونون بينتم لي هذا فأرى فيه رأيي قالوا منعنا من ذلك ما تخوفنا منك فتركهم ولها عن دجلة حين غلبته * حدثنا ابن حميد
(٥٩٨)