أيها الناس، أحسن الله عزاءنا وعزاءكم في الخليفة الماضي، صلوات الله عليه، وبارك لنا ولكم في خليفتكم الحادث، مد الله في عمره.
ثم خنقته العبرة، فمسح عينه بسواده.
ثم قال:
- يا أهل خراسان، جددوا البيعة لإمامكم الأمين.
فبايعه الناس جميعا.
ولما أتت الخلافة محمدا، وبايعه الناس دخل عليه الشعراء، وفيهم الحسن ابن هانئ (1)، فأنشدوه، وقام الحسن في آخرهم، فأنشده قوله:
إلا دارها بالماء حتى تلينها * فلن تكرم الصهباء حتى تهينها وحمراء قبل المزج صفراء بعده * كان شعاع الشمس يلقاك دونها كان يواقيتا رواكد حولها * وزرق سنانير تدير عيونها (2) لقد جلل الله الكرامة أمة * يكون أمير المؤمنين أمينها حميت حماها بالقنابل والقنا * ووفرت دنياها عليها ودينها يراك بنو المنصور أولاهم بها * وإن أظهروا غير الذي يكتمونها فوصلهم جميعا، وفضله.
* * * ثم إن محمد الأمين دعا إسماعيل بن صبيح كاتب السر، فقال:
- ما الذي ترى يا ابن صبيح؟
قال: أرى دولة مباركة، وخلافة مستقيمة، وأمرا مقبلا، فتمم الله ذلك لأمير المؤمنين بأفضله وأجزله.