قال له محمد: إني لم أبغك قاصا، إنما أردت منك الرأي.
قال إسماعيل: إن رأى أمير المؤمنين أن يوضح لي الأمر لأشير عليه بمبلغ رأيي ونصحي فعل.
قال: إني قد رأيت أن أعزل أخي عبد الله من خراسان، واستعمل عليها موسى ابن أمير المؤمنين.
قال إسماعيل: أعيذك بالله يا أمير المؤمنين أن تنقض ما أسسه الرشيد، ومهده، وشيد أركانه.
قال محمد: إن الرشيد موه عليه في أمر عبد الله بالزخرفة، ويحك يا بن صبيح، إن عبد الملك بن مروان كان أحزم رأيا منك، حيث قال: (لا يجتمع فحلان في هجمة إلا قتل أحدهما صاحبه).
قال إسماعيل: أما إذ كان هذا رأيك، فلا تجاهره، بل اكتب إليه، وأعلمه حاجتك إليه بالحضرة، ليعينك على ما قلدك الله من أمر عباده وبلاده، فإذا قدم عليك، وفرقت بينه وبين جنوده كسرت حده، وظفرت به، وصار رهنا في يديك، فائت في أمره ما أردت.
قال محمد: أجدت يا ابن صبيح، وأصبت، هذا لعمري الرأي.
ثم كتب إليه يعلمه أن الذي قلده الله من أمر الخلافة والسياسة قد أثقله، ويسأله أن يقدم عليه ليعينه على أموره، ويشير عليه بما فيه مصلحته، فإن ذلك أعود على أمير المؤمنين من مقامه بخراسان، وأعمر للبلاد، وأدر للفئ، وأكبت للعدو، وآمن للبيضة.
ثم وجه الكتاب مع العباس بن موسى، ومحمد بن عيسى، وصالح صاحب المصلى.
فساروا نحو خراسان، فاستقبلهم طاهر بن الحسين مقبلا من عند المأمون على ولاية الري، حتى انتهوا إلى المأمون وهو بمدينة مرو، فدخلوا عليه، وأوصلوا الكتاب إليه، وتكلموا.