ثم عقد البيعة لابنه القاسم بعد محمد وعبد الله، وولاه الشام، فوجه القاسم عليها عماله.
وحج الرشيد سنة ثمان وثمانين ومائة، وانصرف فنزل الحيرة (1)، فأقام بها أياما، ثم دخل مدينة السلام.
وفي سنة تسع وثمانين سار إلى الري فأقام بها شهرا، ثم انصرف نحو مدينة السلام، فضحى بقصر اللصوص (2)، ثم دخل بغداد، ولم ينزلها، ومضى حتى انتهى إلى السالحين (3)، وهي من مدينة السلام على ثلاثة فراسخ، فبات بها ثم سار عامدا للرقة حتى وافاها، وأمر عند ممره ببغداد بخشبة جعفر بن يحيى أن تحرق، وأقام بالرقة بقية ذلك العام.
فلما دخلت سنة تسعين ومائة خرج غازيا لأرض الروم حتى أوغل فيها وانتهى إلى هرقلة (4)، فافتتحها.
* * * وفي ذلك العام خرج رافع بن نصر بن سيار مغاضبا بأرض خراسان، وكان سبب خروجه أن علي بن عيسى بن ماهان لما ولى خراسان أساء السيرة، وتحامل على من كان بها من العرب، وأظهر الجور، فخرج عليه رافع، فواقعه وقعات، ثم انحاز فيمن اتبعه من أهل خراسان، وكانوا زهاء ثلاثين ألف رجل في سمرقند، وأقام بمدينتها.
وبلغ ذلك الرشيد، فعزل علي بن عيسى عنها، واستعمل عليها هرثمة بن أعين.
ثم انصرف الرشيد قافلا من الروم حتى نزل بمدينة السلام عامه ذلك، واستخلف ابنه محمدا على دار المملكة، وخرج عامدا لأرض خراسان ليتولى حرب رافع بنفسه.
ودخلت سنة اثنتين وتسعين ومائة وفيها خرجت (الخرمية) (5) بأرض الجبل