واتفق رأيهما على تولية محمد العهد، وتصيير عبد الله من بعده، وقسمه الأموال والجنود بينهما، وأن يقيم محمد بدار الخلافة، ويتولى المأمون خراسان.
فلما أصبح أمر بجميع القواد، فاجتمعوا إليه، فدعاهم إلى بيعة محمد، ومن بعده إلى بيعة المأمون، فأجابوا إلى ذلك، وبايعوا.
وفي سنة ثمانين ومائة (1) عقد الرشيد لعلي بن عيسى بن ماهان على خراسان، وفي ذلك العام خرج الرشيد إلى أرض الشام، وأخذ على الموصل، فلما وافاها أمر بهدم مدينتها، وقد كانوا وثبوا بعاملة.
* * * وفي ذلك العام وثب أهل خراسان بعاملهم، فقتلوه، فأقام بالشام عامه ذلك، ثم خرج حاجا، فلما انصرف قصد الأنبار، فنزل به بمدينة أبي العباس، وهي من الأنبار على نصف فرسخ، وقد كان بقي بها جمع عظيم من أبناء أهل خراسان، توالدوا بها حتى كثروا، فهم إلى الآن، فأقام بها شهرا، ثم توجه منها إلى الرقة (2) فأقام بها شهرا.
وخرج منها غازيا إلى أرض الروم، فافتتح مدينة من مدنهم، تسمى (معصوف). ثم انصرف إلى الرقة، فأقام بها بقية عامه ذلك.
فلما كان أوان الحج، حج، فقضى نسكه، وجعل منصرفه على الرقة، فأقام بها، وولى يزيد بن مزيد أرمينية، ثم قدم من الرقة سنة أربع وثمانين ومائة حتى وافى مدينة السلام، ونزل قصره بالرصافة (3)، وأخذ عماله بالبقايا، ثم سار من مدينة السلام في سنة خمس وثمانين ومائة عائدا إلى الرقة، وقد كان استطابها . فلما كان أوان الحج حج، فمر بالمدينة، فأعطاهم ثلاث أعطيات، وأعطى أهل مكة عطاءين، ثم انصرف، فقصد الأنبار، فأقام بها شهرا، ثم انصرف إلى مدينة السلام.