وسار علي بن عيسى بن ماهان حتى صار إلى حلوان، فاستقبله عير مقبلة من الري، فسألهم عن خبر طاهر، فأخبروه أنه يستعد للحرب، فقال: وما طاهر؟
ومن طاهر؟ ليس بينه وبين أخلاء الري إلا أن يبلغه أني جاوزت عتبة همذان.
ثم سار حتى خلف عتبة همذان وراءه، فاستقبله عير أخرى، فسألهم عن الخبر.
فقالوا: إن طاهرا قد وضع العطاء لأصحابه، وفرق فيهم السلاح، واستعد للحرب.
فقال: في كم هو؟
فقالوا: في زهاء عشرة آلاف رجل.
فأقبل الحسن بن علي بن عيسى على أبيه فقال:
- يا أبت، إن طاهرا لو أراد الهرب لم يقم بالري يوما واحدا.
فقال: يا بني، إنما تستعد الرجال لأقرانها، وإن طاهرا ليس عندي من الرجال الذين يستعدون لمثلي، ويستعد له مثلي.
و ذكروا أن مشايخ بغداد قالوا: لم نر جيشا كان أظهر سلاحا، ولا أكمل عدة، ولا أفره خيلا، ولا أنبل رجالا من جيش علي بن عيسى يوم خرج، إنما كانوا نخبا.
وإن طاهر بن الحسين جمع إليه رؤساء أصحابه فاستشارهم في أمره، فأشاروا عليه، أن يتحصن بمدينة الري، ويحارب القوم من فوق السور إلى أن يأتيه مدد من المأمون.
فقال لهم: ويحكم، إني أبصر بالحرب منكم، إني متى تحصنت استضعفت نفسي، ومال أهل المدينة إليه لقوته، وصاروا أشد على من عدوي، لخوفهم من علي ابن عيسى، ولعله أن يستميل بعض من معي بالأطماع، والرأي إن ألف الخيل بالخيل، والرجال بالرجال، والنصر من عند الله.
ثم نادى في جنوده بالخروج عن المدينة، وأن يعسكروا بموضع يقال له (القلوصة).
فلما خرجوا عمد أهل الري إلى أبواب مدينتهم، فأغلقوها.