فنصب المجانيق والعرادات (1) على المدينة، وأحدقت القواد والرؤساء.
وأقبل بابك في أنجاد أصحابه، وعباهم، فقاتله (2) القواد قتالا شديدا إلى العصر، ثم انصرفوا، وقد نكوا في أصحابه.
وأقام الأفشين ستة أيام، ثم ناهضه يوم الخميس لسبع ليال خلون من شهر رمضان، واستعد له بابك، فوضع على البذ عجلا عظيما ليرسله إلى أصحاب الأفشين.
ثم أرسل بابك رجلا يقال له (موسى الأقطع) إلى الأفشين، يسأله أن يخرج إليه ليشافهه بما نفسه، فإن صار إلى مراده وإلا حاربه، فأجابه الأفشين إلى ذلك، فخرج بابك حتى صار بالقرب من الأفشين في موضع بينهما واد.
فلما رأى الأفشين كفر له، فبسطه الأفشين، وأعلمه ما في الطاعة من السلامة في الدنيا والآخرة، فلم يقبل ذلك.
فانصرف إلى موضعه، وأمر أصحابه بالحرب، فتسرعوا إلى ذلك، ودهدهوا (3) العجل الذي كانوا أعدوه، فانكسر العجل، وثاب أصحاب الأفشين، فدفعوهم إلى رأس الجبل.
وقد كان يوباره وجعفر الخياط وقفا بحذاء عبد الله أخي بابك، فحملا، وحمل عليهم القواد من جميع النواحي، فقتلوهم قتلا ذريعا، وانهزموا حتى دخلوا المدينة، فدخلوا خلفهم في طلبهم، وصارت الحرب في ميدان وسط المدينة.
وكانت حربا لم ير مثلها شدة، وقتلوا في الدور والبساتين، وهرب عبد الله أخو بابك.
فلما رأى بابك أن العساكر قد أحدقت به، والمذاهب قد ضاقت عليه، وأن أصحابه قد قتلوا وفلوا توجه إلى أرمينية، وسار حتى عبر نهر الرس متوجها إلى الروم.
فلما عبر نهر الرس قصد نحوه سهل بن سنباط صاحب الناحية، وقد كان