فلما قرأه جمع القواد إليه، فقال لهم:
إني قد رأيت صرف أخي عبد الله عن خراسان، وتصييره معي ليعاونني، فلا غنى بي عنه، فما ترون؟
فأسكت القوم.
فتكلم خازم بن خزيمة، فقال: يا أمير المؤمنين، لا تحمل قوادك وجنودك على الغدر فيغدروا بك، ولا يرون منك نقض العهد فينقضوا عهدك.
قال محمد: ولكن شيخ هذه الدولة علي بن عيسى بن ماهان لا يرى ما رأيت، بل يرى أن يكون عبد الله معي ليؤازرني ويحمل عني ثقل ما أنا فيه بصدده.
ثم قال لعلي بن عيسى: إني قد رأيت أن تسير بالجيوش إلى خراسان، فتلي أمرها من تحت يدي موسى بن أمير المؤمنين، فانتخب من الجنود والجيوش على عينك.
ثم أمر بديوان الجند، فدفع إليه، فانتخب ستين ألف رجل من إبطال الجنود وفرسانهم، ووضع لهم العطاء، وفرق فيهم السلاح، وأمره بالمسير.
فخرج بالجيوش، وركب معه محمد، فجعل يوصيه، ويقول: أكرم من هناك من قواد خراسان، وضع عن أهل خراسان نصف الخراج، ولا تبق على أحد يشهر عليك سيفا، أو يرمي عسكرك بسهم، ولا تدع عبد الله يقيم إلا ثلاثا من يوم تصل إليه، حتى تشخصه إلى ما قبلي).
وقد كانت زبيدة تقدمت إلى علي بن عيسى، وكان إناها مودعا، فقالت له:
إن محمدا، وإن كان ابني وثمرة فؤادي، فإن لعبد الله من قلبي نصيبا وافرا من المحبة، وأنا التي ربيته، وأنا أحنو عليه، فإياك أن يبدأه منك مكروه، أو تسير أمامه، بل سر إذا سرت معه من ورائه، وإن دعاك فلبه، ولا تركب حتى يركب قبلك، وخذ بركابه إذا ركب، وأظهر له الإجلال والإكرام).
ثم دفعت إليه قيدا من فضة وقالت:
إن استعصى عليك في الشخوص فقيده بهذا القيد).
وإن محمد انصرف عنه بعد أن أوعز إليه، و أوصاه بكل ما أراد.