فقال أبو مسلم:
يا أمير المؤمنين، لا تدخل على نفسك الغم والغيظ بسببي، فإني أصغر قدرا من أن أبلغ منك هذا.
فصفق أبو جعفر بكفيه ثلاثا، وخرج عليه القوم بالسيوف.
فلما رآهم أبو مسلم أيقن بالأمر، فقام إلى أبي جعفر، فتناول رجله ليقبلها، فرفسه أبو جعفر برجله، فوقع ناحية، فأخذته السيوف.
فقال أبو مسلم. أما من سلاح يحامي به المرء عن نفسه.
فضربوه حتى خمد.
وأمر به أبو جعفر، فلف في بساط، ووضع ناحية من البيت.
* * * وقد كان أبو مسلم قبل دخوله على أبي جعفر قال لعيسى بن علي: (ادخل معي إلى أمير المؤمنين، فإني أريد معاتبته في بعض الأمور).
فقال له عيسى: (تقدم فإني على أثرك).
فأقبل عيسى حتى دخل على أبي جعفر، فقال:
يا أمير المؤمنين، أين أبو مسلم؟
قال أبو جعفر: (هاهو ذاك ملفوف في ذلك البساط).
قال عيسى: (أقتلته؟ أنا لله، فكيف تصنع بجنوده؟ وهؤلاء قد جعلوه ربا).
فأمر أبو جعفر فهيئت ألف صرة، في كل صرة ثلاثة آلاف درهم.
وأحس أصحاب أبي مسلم بالأمر، فصاحوا، وسلوا السيوف، فأمر أبو جعفر بتلك الصرر، فقذفت إليهم مع رأس أبي مسلم.
وصعد عيسى بن علي إلى أعلى القصر، وقال:
يا أهل خراسان، إنما كان أبو مسلم عبدا من عبيد أمير المؤمنين، وجد عليه، فقتله، فليفرخ روعكم، فإن أمير المؤمنين بالغ آمالكم).