فقال طاهر لأصحابه: يا قوم، اشتغلوا بمن أمامكم، ولا تلتفتوا إلى من وراءكم، واعلموا أنه لا وزر لكم ولا ملجأ إلا سيوفكم ورماحكم، فاجعلوها حصونكم.
وأقبل علي بن عيسى نحو القلوصة، فتواقف العسكران للحرب، والتقوا، فصدقهم أصحاب طاهر الحملة.
فانتقضت تعبية علي بن عيسى، وكانت منهم جولة شديدة، فناداهم علي ابن عيسى، وقال:
- أيها الناس، ثوبوا، واحملوا معي.
فرماه رجل من أصحاب طاهر، فأثبته، وبعد أن دنا منه، وتمكن رماه بنشابة وقعت في صدره، فنفذت الدرع والسلاح حتى أفضت إلى جوفه، وخر مغشيا عليه ميتا.
واستوت الهزيمة بأصحابه.
فما زال أصحاب طاهر يقتلونهم، وهم مولون حتى حال الليل بينهم، وغنموا ما كان في معسكرهم من السلاح والأموال.
وبلغ ذلك محمدا، فعقد لعبد الرحمن الأبناوي في ثلاثين ألف رجل من الأبناء، وتقدم إليهم، ألا يغتروا كاغترار علي بن عيسى، ولا يتهاونوا كتهاونه.
فسار عبد الرحمن حتى وافى همذان.
وبلغ ذلك طاهرا، فتقدم، وسار نحوه، فالتقوا جميعا، فاقتتلوا شيئا من قتال، فلم يكن لأصحاب عبد الرحمن ثبات، فانهزم، واتبعه أصحابه، فدخلوا مدينة همذان، فتحصنوا فيها شهرا حتى نفد ما كان معهم من الزاد.
قال: فطلب عبد الرحمن الأبناوي الأمان له ولجميع أصحابه، فأعطاه طاهر ذلك.
ففتح أبواب المدينة، ودخل الفريقان بعضهم في بعض.
وسار طاهر حتى هبط العقبة، فعسكر بناحية (أسد اباذ) (1).