وكان ممن قتل في تلك الوقعة محمد بن حميد الطوسي.
وهو الذي رثاه أبو تمام بقصيدته التي يقول فيها:
كأن بني نبهان يوم وفاته * نجوم سماء خر من بينها البدر وفيها يقول:
فأثبت في مستنقع الموت رجله وقال لها من تحت أخمصك الحشر فلما أفضى الأمر إلى أبي إسحاق المعتصم بالله لم تكن همته غيره، فأعد له الأموال والرجال، وأخرج مولاه الأفشين حيدر بن كاوس، فسار الأفشين بالعساكر والجيوش حتى وافى برزند (1)، فأقام بها حتى طاب الزمان، وانحسرت الثلوج عن الطرقات، ثم قدم خليفته [يوباره] (2) وجعفر بن دينار، وهو المعروف بجعفر الخياط في جمع كثير من الفرسان إلى الموضع الذي كان فيه معسكر، وأمرهما أن يحفرا خندقا حصينا، فسارا حتى نزلا هناك، واحتفرا الخندق . فلما فرغا من حفر الخندق استخلف الأفشين ببرزند المرزبان، مولى المعتصم في جماعة من القواد، وسار هو حتى نزل الخندق، ووجه يوباره، وجعفر الخياط في جمع كثيف إلى رأس نهر كبير، وأمرهما بحفر خندق آخر هناك فسارا حتى احتفراه.
فلما فرغا وافاهما الأفشين، ثم خلف في موضعه محمد بن خالد بخاراخذاه، وشخص إلى درود (3)، في خمسة آلاف فارس وألفي راجل، ومعه ألف رجل من الفعلة حتى نزل درود، واحتفر بها خندقا عظيما وبنى عليها سورا شاهقا، فكان بابك وأصحابه يقفون على جبال شاهقة، فيشرفون منها على العسكر، ويولولون.
ثم ركب الأفشين يوم الثلاثاء لثلاث بقين من شعبان في تعبية، وحمل المجانيق، وأمر بابك آذين أن يحصن تلا مشرفا على المدينة، ومعه ثلاثة آلاف رجل، وقد كان احتفر حوله الآبار ليمنع الخيل منهم.
فانصرف الأفشين يوما إلى خندقه، ثم غدا عليه يوم الجمعة في غرة شهر رمضان،