أصحابه، وعليه قميص أصفر هروي (1)، وملاءة موردة متوشحا بها، متقلدا سيفه.
فدنا منه عمير بن الحباب، فصار خلفه، وإبراهيم لا يأبه له، فاحتضنه من ورائه، فما تحلحل (2) إبراهيم عن موضعه، غير أنه أمال رأسه، وقال:
من هذا؟
قال: أنا عمير بن الحباب.
فأقبل بوجهه إليه، وقال:
- اجلس حتى أفرغ لك.
فتنحى عنه، وقعدا ممسكين بأعنة فرسيهما.
فقال عمير لصاحبه: هل رأيت رجلا أربط جأشا، وأشد قلبا من هذا؟ تراه تحلحل من مكانه، أو اكترث لي، وأنا محتضنة من خلف.
فقال له صاحبه: ما رأيت مثله.
* * * فلما فرغ إبراهيم من تعبية أصحابه أتاهما، فجلس إليهما، ثم قال لعمير:
ما أعملك إلى يا أبا المغلس؟
قال عمير: لقد اشتد غمي مذ دخلت عسكرك، وذلك أني لم أسمع فيه كلاما عربيا حتى انتهيت إليك، وإنما معك هؤلاء الأعاجم، وقد جاءك صناديد (3) أهل الشام وإبطالهم، وهم زهاء أربعين ألف رجل، فكيف تلقاهم بمن معك؟
فقال إبراهيم:
والله لو لم أجد إلا النمل لقاتلتهم بها، فكيف وما قوم أشد بصيرة في قتال أهل الشام من هؤلاء الناس الذين تراهم معي؟ وإنما هم أولاد الأساورة من أهل