المختار، فسلك الرمل في مكان يدعى (البيضة) (1) وذلك في حمارة القيظ، وهي فيما بين بلاد كلب وبلاد طيئ، فقال (2) فيها، فقتله ومن معه العطش.
ولم يزل أسماء مقيما بذروه (3) إلى أن قتل المختار، ودخل مصعب بن الزبير الكوفة، فانصرف أسماء إلى منزله بالكوفة.
ولما تتبع المختار أهل الكوفة جعل عظماؤهم يتسللون هرابا إلى البصرة حتى وافاها منهم مقدار عشرة آلاف رجل، وفيهم محمد بن الأشعث، فاجتمعوا، ودخلوا على مصعب بن الزبير.
فتكلم محمد بن الأشعث، وقال: أيها الأمير، ما يمنعك من المسير لمحاربة هذا الكذاب الذي قتل خيارنا، وهدم دورنا، وفرق جماعتنا، وحمل أبناء العجم على رقابنا، وأباحهم أموالنا؟ سر إليه، فإنا جميعا معك، وكذلك من خلفنا بالكوفة من العرب، هم أعوانك.
قال مصعب: يا ابن الأشعث، أنا عارف بكل ما ارتكبكم به، وليس يمنعني من المسير إليه إلا غيبة فرسان أهل البصرة أشرافهم، فإنهم مع ابن عمك المهلب ابن أبي صفرة في وجوه الأزارقة بناحية كرمان، غير أني قد رأيت رأيا.
قال: وما رأيت أيها الأمير؟
قال: رأيت أن أكتب إلى المهلب، آمره أن يوادع الأزارقة، ويقبل إلي فيمن معه، فإذا وافى تجهزنا لمحاربة المختار.
قال ابن الأشعث: نعم ما رأيت، فاكتب إليه، واجعلني الرسول.
فكتب مصعب بن الزبير إلى المهلب كتابا، يذكر له ما فيه أهل الكوفة من القتل والحرب، ويفسر فيه أمر المختار.
فسار محمد بن الأشعث بكتابه حتى ورد كرمان، وأوصل الكتاب إلى المهلب،