وأفضى الملك بعد ذلك إلى الوليد بن عبد الملك، ثم إلى سليمان بن عبد الملك، فولى سليمان على العراق خالد بن عبد الله القسري، فولى خالد أخاه أسد بن عبد الله خراسان، فلم يزل بها حتى ظهر فيها دعاة الإمام محمد بن علي بن عبد الله بن عباس.
(العراق بعد موت يزيد) قالوا، ومات يزيد بن معاوية، وعبيد الله بن زياد بالبصرة، فكتب إليه الحارث بن عباد بن زياد بهذه الأبيات:
ألا يا عبيد الله قد مات من به * ملكت رقاب العالمين يزيد أتثبت للقوم الذين وترتهم؟ * وذاك من الرأي الزنيق بعيد (1) ومالك غير الأزد جار فإنهم * أجاروا أباك، والبلاد تميد فتعجب عبيد الله من رأي ابن أخيه، وكان ذا رأي.
ثم إن عبيد الله دعا بمولى له يسمى مهران، وكان يعدل في الدهاء والأدب والعقل بوردان غلام عمرو بن العاص، وهو الذي ينسب إليه البراذين المهرانية، فقال يا مهران:
- إن أمير المؤمنين يزيد قد هلك، فما الرأي عندك؟
- فقال مهران: أيها الأمير، إن الناس إن ملكوا أنفسهم لم يولوا عليهم أحدا من ولد زياد، وإنما ملكتم الناس بمعاوية، ثم بيزيد، وقد هلكا، وإنك قد وترت الناس، ولست آمن أن يثبوا بك، والرأي لك أن تستجير هذا الحي من الأزد، فإنهم إن أجاروك منعوك، حتى يبلغوا بك مأمنك، والرأي أن تبعث إلى الحارث بن قيس، فإنه سيد القوم، وهو لك محب، ولك عنده يد، فتخبره بموت يزيد، وتسأله أن يجيرك.