فبينا هو يخطب الناس على المنبر، وقد صلى بهم إذ أقبلت الخوارج، فقال:
سبحان الله، أ في مثل هذا اليوم يأتوننا؟ ما أبغض إلى المحاربة فيه، ولكن الله تعالى يقول: الشهر الحرام بالشهر الحرام، والحرمات قصاص، فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه) (1).
ثم نزل عن المنبر، ونادى في أصحابه، فركبوا واستلاموا، واستقبلوا الخوارج، فحملت عليهم الخوارج، وإمامهم عظيم منهم يسمى (عمرو القنا) وكان من فرسانهم، وهو يرتجز:
نحن صبحناكم غداة النحر * بالخيل أمثال الوشيج تسرى (2) يقدمها عمرو القنا في الفجر * إلى أناس لهجوا بالكفر اليوم أقضي في العدو نذري ثم اقتتلوا، وصبر بعضهم لبعض وكثرت بينهم القتلى، فلم يزل كل فريق منهما على مكانه حتى حال بينهم الليل، وانحازت الخوارج إلى كازرون (3).
وسار إليهم المهلب فواقعهم بكازرون، فأسرع المهلب في الخوارج، (فتفرقوا) (4) في تلك الوقعة، وصاروا سيارة، وخرجوا إلى تخوم إصطخر، واتبعهم المهلب.
فتواقف الفريقان، وحمل بعضهم على بعض، وأمام الخوارج رجل يرتجز:
حتى متى يتبعنا المهلب * ليس لنا في الأرض منه مهرب لا السماء، أين أين المذهب؟