نقتصر هنا على القسم الأول، ونخص القسم الثاني بفصل مستقل، لعدم كون المقصود به خصوص الخبر وإن أفاد حجيته.
فاعلم أنه قد قرب دليل العقل في المقام بوجوه عمدتها: أن التأمل في طريقة أصحابنا (رضي الله عنهم) في حفظ الاخبار وشدة احتياطهم في جمعها يوجب العلم بصدور بعضها، بل أكثرها، كما أوضحه شيخنا الأعظم قدس سره، بل هو أظهر من أن يحتاج إلى توضيح.
كما أنه لا ريب في اشتمال الصادر على أحكام الزامية، ولا يحتمل كون الصادر خصوص يتضمن الاحكام غير الالزامية كي لا يكون أثر للعلم الاجمالي المذكور في التنجيز، وحينئذ فالعلم الاجمالي المذكور يقتضي العمل بجميع الاخبار المتضمنة للأحكام الالزامية.
إلا أن يفرض امتناع الجمع بينها عملا، كما في الدوران بين المحذورين، فيتعين حينئذ التخيير أو ترجيح المظنون الصدور أو المطابقة للواقع، على الكلام في ذلك في مبحث الدوران بين محذورين.
وأما ما ذكره شيخنا الأعظم قدس سره من لزوم العمل بكل خبر والترجيح بالظن عند التعارض مطلقا وإن كان التعارض بين الخبر المتضمن لحكم إلزامي و الخبر المتضمن لحكم ترخيصي.
فلا وجه له، لعدم اقتضاء العلم الاجمالي المذكور لزوم العمل بالخبر المتضمن للحكم الترخيصي بنحو يتوقف لأجله عن العمل بالخبر المتضمن للحكم الإلزامي، لامكان الجمع بينهما عملا، فيتعين عملا بالعلم الاجمالي المذكور.
نعم، لو فرض لزوم العسر من العمل بجميع الاخبار المتضمنة لاحكام الزامية لكثرتها فقد يتجه لاقتصار على خصوص مظنون الصدور أو المطابقة للواقع منها، لما يأتي في دليل الانسداد. إلا أن الفرض المذكور غير ظاهر، لعدم