مثل زماننا الذي ينسد فيه باب العلم، لتصريحه بانفتاح باب العلم. أو على العمل بالاخبار التي بأيدينا المودعة في أصولنا، لدعواه احتفافها بالقرائن القطعية، مع الاشكال في ذلك بما لا مجال لإطالة الكلام فيه، وإن تعرض لبعضه شيخنا الأعظم قدس سره.
وأما الوجه الثاني: - وهو سيرة المتشرعة على العمل بالخبر غير العلمي - فهو مما لا يظن بأحد انكاره، إذ لولا ذلك لاختل نظامهم في أمور معاشهم ومعادهم، لعدم تيسر العلم في جميع ما يبتلون به، وتحري طرقه وأسبابه يوجب توقفهم عن العمل في كثير من الموارد، بل أكثرها، وهو مخل بنظامهم.
ولا مجال لاحتمال سلوكهم طريقا آخر في الشرعيات، فإن ذلك لو كان لظهر وبان.
بل لا ينبغي الريب في أن عملهم بالخبر المذكور مستند إلى ارتكازياتهم الأولية من دون حاجة منهم إلى بيان خاص من الشارع، وإلا لظهر، لكثرة الحاجة إلى السؤال عن ذلك لولا الارتكازيات المذكورة. فسيرتهم متفرعة على سيرة العقلاء ومن مظاهرها وإن كانت أولى بالاستدلال، لعدم الحاجة معها إلى الامضاء أو عدم الردع، وعدم الاعتناء بظهور بعض الأدلة في الردع، كما تقدم عند الكلام في أقسام الاجماع العملي.
وأما الوجه الثالث - وهو سيرة العقلاء - فتوضيح الكلام فيه: أن سيرة عامة الناس وتعارفهم على العمل بطريق..
تارة: تكون مستندة إلى أمر خارج عنهم طارئ عليهم، كحاجتهم إليه في خصوص زمان أو مكان، أو حملهم عليه من جهة خاصة، كسلطان قاهر أو عالم ناصح.
وأخرى: يكون ناشئا من مرتكزاتهم التي أو دعها الله عز وجل فيهم، غرائزهم التي فطرهم تعالى عليها.