ومن ثم كان المناسب جعلها مقدمة للمقصدين المذكورين لارتباطها بهما.
ومما ذكرنا ظهر أن التقسيم بالوجه المتقدم هو الأنسب بمقاصد الكتاب، لتضمنه الإشارة الاجمالية لموضوعات مباحث المقصدين المذكورين والمقدمة، بخلاف ما ذكره المحقق الخراساني قدس سره (1) في أول كلامه تثنية الأقسام، حيث ذكر أن المكلف إذا التفت إلى حكم فعلي واقعي أو ظاهري، فإما أن يحصل له القطع به أو لا، وعلى الثاني لا بد من انتهائه إلى ما استقل به العقل من اتباع الظن الانسدادي أو الأصول العقلية.
فإن التقسيم المذكور وإن كان عقليا، إلا أنه لا فائدة فيه، لعدم تضمنه الإشارة الاجمالية للمقاصد المبحوث عنها، لوضوح أن القسم الأول جامع بين مباحث القطع والحجج وأهم الأصول العملية، وهي الأصول الشرعية. فلا يتأدى بذلك الغرض المهم من التقسيم.
وأما مباحث التعارض فقد جعلها بعض المعاصرين في أصوله خاتمة لمباحث الحجج.
ولا يخفى أن بعض أحكام التعارض لا يختص بالحجج، بل يجري في الأصول أيضا، مثل مقتضى الأصل في المتعارضين. وبعضها يختص بخصوص الاخبار من الحجج، كالتخيير - بناء على ثبوته - والمرجحات المنصوصة، فلا وجه لجعله من لواحق مباحث الحجج.
كما لا وجه لجعله خاتمة للمقصدين الباحثين في الحجج والأصول، لأنه ليس خارجا عن المقصد المهم حتى يجعل خاتمة لهما، بل هو بحث في شؤون الحجج والأصول وشروط فعلية الحجية والتعبد. ولذا كانت مسائله كبريات في الاستنباط.