وأما المكلف فلا غرض له بإصابة الواقع إلا من حيث تنجزه بالعلم الاجمالي أو بالعلم باهتمام الشارع بالتكاليف الواقعية بنحو لا يجوز إهمالها، ومن الظاهر أن ذلك لا يقتضي تنجزه مطلقا بعد فرض تعذر الاحتياط التام أو عدم وجوبه، بل هو راجع إلى تنجزه في الجملة، وذلك لا يكفي في التمسك بقاعدة قبح ترجيح المرجوح على الراجح لاثبات لزوم الرجوع للظن.
بل لا بد فيه من تنجزه مطلقا بحيث يكون فوته سببا للعقاب على كل حال، إذ يحكم العقل حينئذ بلزوم اختيار أبعد الطرق عن الخطر، كما في مورد التقصير في الفحص على ما تقدم، فالظاهر أن القاعدة أجنبية عما نحن فيه.
والذي ينبغي أن يقال: الكلام..
تارة: يكون على القول بأن سقوط الاحتياط التام اللازم بمقتضى العلم الاجمالي لا يقتضي سقوط العلم الاجمالي عن المنجزية والرجوع إلى طريق آخر، بل يقتضي التنزل للتبعيض في الاحتياط بالمقدار الذي لا يلزم منه محذور من حرج أو غيره.
وأخرى: يكون على القول بأن سقوط الاحتياط التام يقتضي سقوطه كلية لمانعيته من فعلية التكليف الواقعي، الموجب لعدم صلوح العلم الاجمالي لتنجيزه.
أما على الأول فظاهر شيخنا الأعظم قدس سره و غيره المفروغية عن أن المدار في التبعيض على ما هو الابعد احتمالا فالأبعد، فيترك الاحتياط فيما إذا عدم التكليف فيه مظنونا بالظن القوي، فإن لم يف بدفع الحرج ترك فيما إذا عدم التكليف فيه مظنونا بالظن الضعيف، فان لم يف بدفع الحرج أيضا ترك فيما إذا التكليف فيه مشكوكا، وهكذا. لكنه غير ظاهر.
وما قيل: من أنه لا يجوز التنزل للامتثال الاحتمالي إلا بعد تعذر الامتثال الظني، كما لا يجوز، التنزل للامتثال الظني إلا بعد تعذر الامتثال العلمي.