للاستدلال على الحجية بلزوم التناقض، وبدونه لا محذور في التناقض بين الحكم الواقعي والظاهري، كما هو الحال في صورة الظن.
على أن ذلك إنما يمنع من الرجوع للأصول الشرعية، لا العقلية، فإنها لا تقتضي حكما شرعيا مناقضا أو مضادا للحكم الواقعي، بل لا تتضمن إلا الوظيفة العقلية عند عدم الحجة.
وبالجملة: لزوم متابعة القطع أوضح من أن يستدل عليه بمثل ذلك.
المقام الثاني: في منجزية القطع ومعذريته.
ولا إشكال عندهم في ثبوتهما للقطع في الجملة. لكن لا يبعد كون موضوع المعذرية والمنجزية أمرا آخر يجتمع مع القطع تارة، ومع عدمه أخرى، ولا خصوصية للقطع فيهما.
بيان ذلك: أن الظاهر أن ملاك المعذرية بحسب المرتكزات العقلائية هي امتناع داعوية الحكم الواقعي، فإن وجود الحكم الواقعي لا يصلح بنفسه منشأ للمسؤولية، بنحو يكون منجزا في حق المكلف، ما لم يكن بنحو يصلح لان يدعو المكلف إلى موافقته، فإذا كان بنحو يمكن أن يكون داعيا للمكلف كان منجزا، أما لو امتنعت داعويته فلا يكون صالحا للتنجز، بل لا بد من الحكم بالمعذرية حينئذ. إذا عرفت هذا، فامتناع داعوية الحكم الواقعي بنحو لا بد معه من المعذرية بالإضافة إليه يكون..
تارة: مع القطع بخلاف الحكم الواقعي لا عن تقصير.
وأخرى: مع قيام الحجة على خلافه.
وثالثة: مع وجود الأصل المؤمن منه.
ورابعة: مع الغفلة المطلقة لا عن تقصير.
إذا في الصورة الأولى والرابعة تمتنع داعويته بسبب تعذر الالتفات إليه، لما هو المعلوم من توقف داعوية الداعي على الالتفات إليه.