وعليه ينبغي أن يكون الغرض الأصلي من الاستدلال على الامتناع نفي الوقوع، وإبطال أدلته، لا نفي الامكان، والغرض من إبطال دليل الامتناع رفع المنافي لأدلة الوقوع، ليتسنى إثباته بها، لا إثبات الامكان. فلاحظ.
وكيف كان، فقد نسب لابن قبة دعوى امتناع التعبد بخبر الواحد عقلا، ودليله لو تم جار في مطلق الامارة غير العملية، بل في مطلق التعبد بغير العلم ولو كان مفاد الأصل. إذ عمدة دليله - على ما قرره شيخنا الأعظم قدس سره وحكي عن القوانين - أنه يلزم منه تحليل الحرام وتحريم الحلال، إذ لا يؤمن أن يكون ما أخبر بحليته حراما وبالعكس.
هذا، والمحتمل بدوا رجوع الوجه المذكور! إلى أحد محاذير ثلاثة..
الأول: أن تحليل الحرام وتحريم الحلال مستلزم لتفويت ملاكهما وتضييعه، وهو قبيح، بل هو مستلزم لنقض الغرض، لفرض تعلق الغرض بمقتضى الحكم الواقعي، فجعل الطريق الموصل لما يخالفه مانع من الجري عليه وموجب لنقض الغرض المذكور.
ومنه يظهر أن لزوم المحذور المذكور لا يتوقف على القول بتبعية الاحكام للمصالح والمفاسد في المتعلقات، لامتناع نقض الغرض مطلقا.
الثاني: أنه مستلزم لاجتماع الحكمين المتضادين أو المتناقضين، وهو محال.
الثالث: أنه مستلزم للتشريع القبيح، لما يستلزمه التعبد المذكور من إدخال ما ليس من الدين في الدين، ونسبته ما لم يصدر من الشارع الأقدس له.
هذا، ولم أعثر على من حمله على الوجه الثالث أو احتمله فيه، إلا أن ما سبق عنه لا يأباه.
وأما ما يظهر من شيخنا الأعظم قدس سره - بل صرح به بعض الأعاظم قدس سره - من حمله على خصوص الأول، فلا وجه له. بل لا يناسبه ما ذكره من لزوم تحريم