المتقدمة في الامضاء، وإن كان هذا رجوع عن الاستدلال بالسيرة إلى الاستدلال بها كما لا يخفي.
نعم، قد يدعى صلوح العمومات الناهية عن العمل بغير العلم للردع عن السيرة المذكورة. وقد تصدي غير واحد للمنع عن ذلك لوجوه ذكروها في المقام..
الأول: ما ذكره شيخنا الأعظم قدس سره من أن مرجع حرمة العمل بما عد العلم أمران..
الأول: أن التعبد بغير العلم مستلزم للتشريع المحرم بالأدلة الأربعة.
الثاني: أن فيه طرحا للأصول اللفظية والعملية المعتبرة شرعا.
وكلا الوجهين غير جار في العمل بالخبر بعد استقرار سيرة العقلاء على العمل به، لانتفاء التشريع مع بنائهم على العمل به، ولذا يعولون عليه في أوامرهم العرفية مع قبح التشريع فيها عندهم، كالأحكام الشرعية.
وأما الأصول فهي لا تجري مع الخبر. أما اللفظية منها فلعدم بناء العقلاء على اعتبارها مع وجود الخبر في مقابلها.
وكذا العملية العقلية - وهي البراءة والاحتياط والتخيير - لان نسبة حكم العقل بالعمل بها إلى الاحكام العرفية والشرعية سواء، وحيث كان الخبر بعد فرض بناء العقلاء على العمل به مانعا من حكم العقل بمقتضاها في الاحكام العرفية كان مانعا منه في الأحكام الشرعية.
وأما الاستصحاب فإن اخذ من العقل فلا إشكال في أنه لا يفيد الظن في المقام، وإن اخذ من الاخبار فهي آحاد لا تقتضي الا الوثوق.
وفيه: أن عدم صدق التشريع مع الخبر في الاحكام العرفية إنما هو لبنائهم على حجيته وعدم الرادع في أحكامهم عنه، فلا وجه لقياس الأحكام الشرعية بها مع فرض عموم دليل حرمة العمل بغير العلم للخبر، وصلوحه للردع