اختراعية للشارع، بل هي طرق عرفية عقلائية، وهي عندهم كالعلم من حيث الاتقان والاستحكام والإصابة والخطأ، فلا قبح في جعل الشارع لها بناء على ما تقدم.
وفيه.. أولا: أن الكلام لا يختص بالطرق العرفية، بل يجري في غيرها مما ثبت جعله - كيد المسلم التي هي أمارة على التذكية ولو مع استحلاله للميتة - أو لم يثبت، لما هو المعلوم من عدم الفرق بين الطرق العرفية وغيرها في الامكان والامتناع.
وثانيا: أنه لا مجال لدعوى بناء العقلاء على كون الطرق المذكورة كالعلم في الاستحكام والإصابة، كيف وظهور الخطأ فيها لا يحصى؟! ولا سيما مثل اليد، وأصالتي الصحة والطهارة، خصوصا مع عموم حجيتها لصورة إمكان الفحص، الذي لا إشكال في كونه عندهم أوصل منها.
وثالثا: أن الكلام لا يختص بالطرق، بل يجري في الأصول التي يجوز الرجوع لها مع التمكن من الفحص واستعلام الحال في الشبهات الموضوعية كأصالة الطهارة، بل مع حكم العقل بلزوم الاحتياط وتحصيل العلم لولاها، كما في موارد قاعدة الصحة والتجاوز، فإن الرجوع حينئذ لها موجب لتفويت الملاك الواقعي كثيرا مع إمكان تحصيله بالفحص أو الاحتياط اللازم عقلا.
فالانصاف أنه لا مجال لدفع المحذور المذكور بذلك، بل لابد من التماس طريق آخر.
وقد ذكر شيخنا الأعظم قدس سره وغيره أنه يمكن الالتزام بتدارك الملاكات الفائتة بمصلحة متابعة الطرق، فقيام الطرق لا يوجب تبدل الملاكات الواقعية الثابتة لافعال المكلفين ليوجب تبدل أحكامها الواقعية - كما هو مقتضى الوجه الثاني للتصويب - بل هو موجب لحدوث مصلحة في نفس سلوك الطرق ومتابعتها يكون بها تدارك ما فات من تلك الملاكات بسب خطأ الطرق وعمل