الجهات المتعلقة بالمقام. فراجع.
ولأجل ما ذكرنا من اختلاف السنخية والطولية بين الحكمين كان عدم التضاد والتماثل بين الاحكام الواقعية والظاهرية أمرا ارتكازيا جليا عند العقلاء، مع وضوح ثبوت التماثل والتضاد عندهم بين الاحكام الواقعية بنفسها، وبين الاحكام الظاهرية كذلك.
ثم إنه لو فرض غمض النظر عما ذكرناه في الطرق والأصول الاحرازية، وقلنا باستلزامها لجعل الاحكام الظاهرية في مواردها فلا بد من الالتزام بأن الأحكام المذكورة من سنخ الحكم بالبراءة والاحتياط الشرعيين في طول الاحكام الواقعية لبيان الوظيفة العملية فيها، لا أنها أحكام مجعولة في عرضها ومع قطع النظر عنها، وإلا أشكل محذور التماثل والتضاد منها. فلاحظ. والله سبحانه وتعالى العالم العاصم.
المقام الثاني: في الأصل أو القاعدة التي يرجع إليها عند الشك في الحجية.
لا إشكال - في الجملة - في أن الأصل عدم الحجية في ما شك في حجيته.
إلا ان الظاهر اختلاف الكلام باختلاف آثار الحجية المترتبة عليها.
وتوضيح ذلك: أنهم ذكروا أن للحجية أثرين..
الأول: ما يرجع لمقام العمل بمؤدى الحجة، وهو المعذرية والمنجزية بالإضافة إلى التكليف الواقعي، المستتبعان للعمل عليه.
الثاني: جواز نسبة مؤدى الحجة للمولى والتعبد به على أنه من الدين.
أما الأول فهو الأثر المهم في المقام، لمناسبته لوظيفة الأصولي.
ولا ريب في كونه من الآثار العقلية المحضة. كما ريب في أنه مع الشك في الحجية لا يرى العقل ترتب الأثر المذكور، فما هو المعذر والمنجز فعلا هو ما ثبت حجيته والتعبد به من قبل المولى.