الجعل وإن لم يحتج إلى أثر شرعي، إلا أنه لا بد له من أثر عملي وإن كان عقليا، كوجوب الإطاعة للتكليف ولزوم العمل بالحجة تبعا لمنجزيتها.
ومن ثم لا يصح استصحاب التكليف لو لم يكن موردا للعمل، لان الاستصحاب كسائر التعبدات الشرعية يلغو مع عدم ترتب العمل عليه.
فالأولى في الجواب ما ذكرنا.
بقي في المقام شئ، وهو أنه ربما يتمسك لعدم حجية ما شك في حجيته بإطلاق ما دل على عدم الاعتماد على غير العلم، كقوله تعالى: (ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤلا) (1)، وما دل على عدم الاعتماد على الظن وأنه لا يغني عن الحق شيئا ونحو ذلك.
وعن بعض الأعاظم قدس سره الاشكال فيه: بأن أدلة حجية الطرق حاكمة على الأدلة المانعة، فإن دليل حجية خبر الثقة يخرجه عن موضوع دليل المنع ويجعله علما تعبدا، فالشك في حجية شئ ملازم للشك في كونه علما، فلا يجوز التمسك فيه بعموم عدم جواز التمسك بغير العلم، لأنه من التمسك بالعام في الشبهة المصداقية من طرف العام، الذي لا يجوز بلا كلام.
وأجاب عنه بعض مشايخنا: بأنه لا أثر للحجية ما لم تصل، فالحكومة إنما هي بعد الوصول وخبر الثقة إنما يكون علما تعبديا بعد إحراز حجيته.
لكنه كما ترى! فإن الحجية وإن لم يترتب عليها العمل عقلا إلا بوصولها، إلا أن ملاك الحكومة المدعى وهو كون الحجة علما شرعا تابع لوجودها الواقعي، لأنه متقوم بالجعل الشرعي، كسائر الأمور الجعلية، كالملكية والحرية والولاية وغيرها.
فالأولى في الجواب عما ذكره بعض الأعاظم قدس سره أن الحكومة عندهم