البعث والزجر، إلا أن العلم به حينئذ لا يكون منجزا له، بل يكون المنجز له العلم بفعليته المترتبة على العلم به، والالتزام بذلك في المقام راجع للتصويب. كما أشار لذلك سيدنا الأعظم قدس سره.
الخامس: ما ذكره هو في بعض أقسام الحكم الظاهري أيضا، من أنه وإن لزم اجتماع الحكمين إلا أنهما ليسا بضدين ولا مثلين، لان منشأ تضاد الاحكام تضاد مبادئها، وهي الإرادة والكراهة في نفس المولى بسبب المصلحة أو المفسدة الموجودتين في المتعلق، وليس الحكم الظاهري ناشئا عن إرادة أو كراهة في نفس المولى مضادتين لمنشأ الحكم الواقعي ليمنع اجتماعهما، بل هو حكم طريقي ناشئ عن مصلحة في جعله وإنشائه لا يترتب عليه الا التنجز أو صحة الاعتذار، فلا يضاد الحكم الواقعي ولا يماثله.
وقد استشكل فيه سيدنا الأعظم قدس سره: بأن الحكم الذي لا يكون حاكيا عن إرادة أو كراهة أو ترخيص نفسي لا يكون موضوع أثر في نظر العقل، فكيف يترتب عليه تنجز الواقع أو العذر في مخالفته.
ويندفع: بأن عدم ترتب الأثر بنظر العقل موقوف على كون الانشاء صوريا لا بداعي البعث والزجر، وهو غير مدعى في المقام، بل المدعى عدم صدور الحكم عن إرادة أو كراهة أو رضا بنفس المتعلق، وهو فعل المكلف، واعتبار ذلك في ترتب الأثر بنظر العقل أول الكلام.
نعم، يشكل ما ذكره المحقق المذكور..
أولا: بأن توقف الاحكام الواقعية على مصالح في متعلقاتها ليس مسلما، بل يمكن أن تكون ناشئة عن مصالح في جعلها، ولو فرض امتناع ذلك في أحكام الشارع فليس هو لكون المصالح والمفاسد في المتعلقات مقومة للأحكام الواقعية، بحيث لا يمكن جعل الحكم بدونها، بل لدعوى أنه مناف للحكمة فيقبح من الشارع، وإلا فلا إشكال في إمكان جعل الحكم بدون ذلك،