يلتفت للعلم في مقام العمل، ويكون مغفولا عنه حينه.
وهذا بخلاف غيره من الحجج المجعولة، فان المخالفة معها..
تارة: تكون ناشئة من عدم الاعتناء بالواقع الذي قامت عليه.
وأخرى: تكون ناشئة من عدم الاعتناء بالحجة نفسها وتجاهل دليل حجيتها دون أن يصل إلى الواقع الذي قامت عليه.
وقد ظهر بما ذكرنا أمور ينبغي الالتفات إليها.
الأول: أن ما في بعض كلماتهم من أن القطع طريق إلى الواقع لا يخلو عن تسامح أو إشكال، فإن الطريق ما يكون سببا للوصول للواقع، وليس القطع كذلك، بل هو بنفسه وصول له.
نعم، سبب القطع قد يكون طريقا للواقع، لابتنائه على بيانه والكشف عنه، كالخبر المتواتر، وقد لا يكون كذلك، كما في الأسباب التكوينية الموجبة لحصول القطع بطريق الالهام ونحوه.
الثاني: أن متابعة القطع ليست ناشئة من حكم العقل بها، المبتني على التحسين والتقبيح، إذ لا جهة تقتضي حسن متابعة القطع وقبح مخالفته، بل هو - كما عرفت - مغفول عنه حين العمل.
كما لا تكون ناشئة من إلزام العقل به بملاك دفع الضرر، إذ ذلك موقوف على الالتفات لمنشأ الضرر حين العمل، وقد عرفت الغفلة عن القطع في مقام العمل. بل هي ناشئة من كون القطع بذاته محققا لشرط الاختيار، وهو الالتفات للجهات المقتضية للعمل، كما سبق.
ومن ثم كانت نسبة الوجوب للمتابعة غير خالية عن المسامحة، والمراد بذلك مجرد اللابدية التكوينية التابعة للذات.
نعم، كون الواقع المعلوم موردا للعمل قد يكون بحكم العقل المبتني على التحسين والتقبيح العقليين، كما في وجوب شكر المنعم وقبح الظلم، وقد يكون