عليها وعلى الحدس تقتضي حجيتها بالفحوى.
وفيه: أن ذلك إنما يتم لو كانت الفتوى حجة في حق المجتهد كالرواية، أما حيث كانت حجة في حق العامي الذي ينحصر معرفته بالوظيفة الفعلية بها فحجيتها في حقه لا تستلزم حجية الرواية في حق المجتهد لا عقلا ولا عرفا.
فتأمل جيدا.
فالانصاف أنه لا دافع للاشكال المذكور، ومن ثم كان الاستدلال بالآية الشريفة على حجية الفتوى أولى من الاستدلال بها في المقام.
الآية الثالثة: قوله تعالى: ﴿إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى من بعد ما بيناه للناس في الكتاب أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون﴾ (1).
بتقريب: أن حرمة الكتمان ووجوب البيان ظاهر في وجوب القبول، وإلا لغى. ومن ثم استدل في المسالك على حجية خبر المرأة عما في رحمها بقوله تعالى: (ولا يحل لهن أن يكتمن ما خلق الله في أرحامهن). (2) وفيه: أن وجوب الاظهار لا يلغو مع عدم حجيته، لامكان كون فائدته مجرد إثارة الاحتمال الملزم بالفحص، أو الاحتياط، بل قد يوجب العلم أو يكون بعض السبب له، وذلك فائدة مهمة.
نعم، قد تدعى الملازمة العرفية بين وجوب الانذار ووجوب القبول وإن لم يكن بينهما ملازمة واقعية، لكنها - لو تمت - مختصة بما إذا كان الغالب انحصار طريق معرفة الشئ، بالابلاغ المأمور به، ولم يكن الغالب فيه إفادة العلم، ولعل منه مورد كلام المسالك، دون المقام، لعدم انحصار المعرفة باخبار الآحاد، خصوصا في عصر صدور الآية.