من اجتماع المقيد والقيد في وعاء واحد، لا أنه مقيد بالقيد المتأخر زمانا، فما هو قيد للوجوب حقيقة هو العنوان الاعتباري وهو مقارن للحكم لا متأخر عنه وما هو المتأخر عنه ليس بقيد له بل هو مطابق للقيد الحقيقي.
فتبين لنا من خلال هذه البحوث أهمية التعرف على أقسام الواسطة في العروض، والفرق بين الخفية والجلية منها، ففي المثال إسناد الشرطية للمتأخر وجودا وإن كان إسنادا حقيقيا بنظر العرف لكنه مع الواسطة في العروض، وهي واسطة التطابق بين ما في الخارج وما في وعاء الاعتبار، فهو إسناد مجازي بنظر العقل، والشرطية للقيد الاعتباري المقارن لا للوجود الخارجي المتأخر.
الواسطة الأخفى: وهي ما كان الاسناد فيها بنظر العقل إسنادا حقيقيا ولكن بحسب الدقة الفلسفية العقلية يكون إسنادا مجازيا، فمثلا قولنا الجسم أبيض يعد إسنادا حقيقيا بنظر العرف والعقل، ولكن بحسب الدقة الفلسفية المبنية على تعدد الوجود للجوهر والعرض فالأبيض في الواقع هو البياض لا الجسم، وهذا الاسناد مجازي باعتبار ارتباط الوجودين خارجا على نحو التركيب الاتحادي أو الانضمامي على الخلاف فيه، ومثله قولنا زيد موجود فإنه إسناد حقيقي بنظر العرف والعقل لكنه إسناد مجازي بنظر الفيلسوف المتأمل باعتبار القول بأصالة الوجود، فالموجود حقيقة هو الوجود وإنما ينسب للماهية ثانيا وبالعرض، إذن فالواسطة في هذه الأمثلة أخفى من الواسطة في الموردين السابقين لان التنبه لها يحتاج لدقة فلسفية.
التقسيم الثاني: لا شك أنه لابد من وجود الارتباط بين الواسطة وذي الواسطة كالحالية والمحلية والعلية والمعلولية وشبه ذلك، والا لما صح إسناد وصف الواسطة لذي الواسطة ولو مجازا، ولابد من التغاير بينهما إما بحسب الوجود وإما بحسب المفهوم وإما بلحاظهما معا، ولولا ذلك لما كانا شيئين أحدهما واسطة والآخر ذو الواسطة فهنا ثلاثة أقسام: