ويترتب على هذا البحث عدة ثمرات أصولية:
أ - ما ذكره الأصوليون بأن للحكم مرتبتين مرتبة الانشاء ومرتبة الفعلية، مع أن الحكم المجعول واحد وليس له وجودان متعاقبان، إذن فمقصودهم ما ذكرنا من أن وجوب الحج مثلا له ارتباطان، ارتباط بمعروضه وهو المستطيع في وعاء الاعتبار، وهذه هي مرحلة الجعل، وارتباط بموصوفه وهو المستطيع الخارجي، وهذه هي مرحلة الفعلية، أي مرحلة اتصاف ما في الخارج بكونه مكلفا بالحج مثلا، والا فليس هناك تعدد في وجود الحكم إطلاقا.
ب - ما طرحه الأستاذ السيد الخوئي (قده) في الاشكال على جريان الاستصحاب في الشبهات الحكمية من أن استصحاب عدم الجعل معارض باستصحاب بقاء المجعول (1)، فمثلا استصحاب بقاء حرمة وطئ الحائض بعد نقائها وقبل غسلها معارض باستصحاب عدم سعة الجعل لما بعد فترة الحيض، وقد يلاحظ عليه - كما هو مذكور في كلمات المحقق النائيني (قده) - بان استصحاب عدم الجعل في المقام مثبت (2)، ولعله لان استصحاب الجعل أو عدمه متقوم بالارتباط الأول وهو ارتباط الحكم بمعروضه بينما استصحاب المجعول متقوم بالارتباط الثاني وهو ارتباط الحكم بموصوفه، فأحد الاستصحابين لا يعارض الآخر ولا ينفيه، إذ لا توجد نقطة جامعة بينهما فكل منهما مرتبط بمرحلة معينة.
ج - مسألة الشرط المتأخر، حيث أورد بعض علماء الأصول بأن الشرط المتأخر مستلزم لتقوم المتقدم بالمتأخر الراجع لتقوم الموجود بالمعدوم وهو مستحيل، لكن صاحب الكفاية قد ذكر بأن المتفرقات في وعاء الزمان مجتمعات في وعاء الاعتبار، فالوجوب مقيد حقيقة بالقيد الموجود في وعاء الاعتبار (3) إذ لابد