عليه الرجل من دون فرق بين الغني والفقير، والعالم والجاهل، والأبيض والأسود، وما شاكل ذلك فتكون هذه اللفظة بيان على عدم اخذ خصوصية وقيد في مدخولها.
وبكلمة أخرى: قد ذكرنا في غير مورد ان الاطلاق والتقييد خارجان عن حريم المعنى، فإنه عبارة عن الماهية المهملة من دون لحاظ خصوصية من الخصوصيات فيه منها خصوصية الاطلاق والتقييد، فإرادة كل منهما تحتاج، إلى عناية زائدة، وعليه فلفظة كل في مثل قولنا (أكرم كل رجل) تدل على سراية الحكم إلى جميع ما يمكن أن ينطبق عليه مدخولها بماله من المعنى وضعا، ومن الواضح ان هذه الدلالة بنفسها قرينة على عدم أخذ خصوصية فيه، لا ان دلالتها على العموم والشمول مستندة إلى عدم قيام قرينة على تقييده بقيد ما والا لكفى جريان مقدمات الحكمة في اثبات العموم من دون حاجة إلى أدائه وعليه فبطبيعة الحال يكون الاتيان بها لغوا محضا حيث إن العموم حينئذ مستفاد من قرينة الحكمة سواء أكانت الأداة أم لم تكن وعندئذ لا محالة يكون وجودها كعدمها وهذا خلاف الارتكاز العرفي، ضرورة ان العرف يفرق بين قولنا (أكرم كل عالم) وقولنا (أكرم العالم) ويرى ان دلالة الأول على العموم لا تحتاج إلى أية مؤنة زائدة ما عدا دلالة اللفظ عليه وهذا بخلاف الثاني، فان دلالته على العموم تحتاج إلى مؤنة زائدة وهي اجراء مقدمات الحكمة: فالنتيجة ان وضع لفظة (كل) أو ما شاكلها للدلالة على العموم أي عموم مدخولها وشموله بماله من المعنى بنفسه قرينة على عدم أخذ خصوصية وقيد فيه يعني ان دلالتها عليه عين دلالتها على العموم، لا ان لها دلالتين: دلالة على العموم، ودلالة على عدم أخذ قيد وخصوصية فيه وهذه النقطة هي زاوية الامتياز بين العموم المستند إلى الوضع، والعموم المستند إلى قرينة الحكمة، حيث إن الثاني يتوقف على عدم بيان دخل قيد ما في