ومرجع الشبهة الأولى إلى الشبهة في الكبرى بعد تبين الصغرى، والثانية إلى الشبهة في الصغرى بعد تبين الكبرى، والثالثة إلى الشبهة فيهما معا.
والضابط الكلي في الشك في الفردية باعتبار الصدق، أن يطلب رفع الشبهة بمراجعة العرف واللغة إحرازا لأمارات الوضع وعلامات الحقيقة والمجاز، من نص لغوي أو تبادر وعدمه العرفيين وغيرهما، وفي الشك في الفردية باعتبار المصداق، أن يطلب رفعها بمراجعة أهل الخبرة خاصة، ولا مجرى في ذلك للأمارات المعمولة في باب الوضع، لفرض عدم الشبهة في الوضع من هذه الجهة ليطلب رفعها بها، وإليه يرجع ما في كلام أفاضل المتأخرين من معاصرينا (1) في الفرق بين الموضوعات المستنبطة والموضوعات الصرفة، من كون المرجع في الأول هو العرف واللغة، وفي الثاني أهل الخبرة، فالشك في الفردية باعتبار المصداق ساقط عن محل الكلام، لخروجه عن معقد الأمارات المبحوث عنها هنا، فوجب الاقتصار حينئذ على الشك في الفردية باعتبار الصدق. وقد عرفت أن مآله إلى الجهل المشوب بالموضوع له.
فنقول: حينئذ إن العلم الذي خالطه قد يكون علما بالموضوع له إجمالا، على معنى العلم الإجمالي به، وقد يكون علما به في الجملة.
وتوضيح الفرق بينهما: إن الماهيات المركبة من الأجزاء الخارجية أو العقلية الاعتبارية أو الحقيقية تلاحظ باعتبارين، وتعتبر بلحاظين:
أحدهما: أن تلاحظ باعتبار صورها النوعية، وبها بالاعتبار المذكور يتعلق نظر أئمة اللغة في كتب متون اللغة عند ضبط معاني الألفاظ وبيانها والبحث عنها كما لا يخفى، وعليها مدار الإفادة بالألفاظ والاستفادة عنها في المحاورات، كما هو واضح أيضا.
وثانيهما: أن تلاحظ باعتبار أجزائها المفصلة، خارجية أو عقلية، حقيقية