أو اعتبارية، وبها بهذا الاعتبار يتعلق نظر أهل المعقول، حيث لا غرض لهم إلا معرفة الأشياء بحقائقها، وعليها مدار التعريفات والحدود والرسوم.
وظاهر أن العلم بالماهية باعتبار صورته النوعية لا يستلزم العلم بها باعتبار أجزائها المفصلة، كما أن الجهل بها باعتبار أجزائها المفصلة لا يستلزم الجهل بها باعتبار صورتها النوعية، كما في علوم عوام الناس بل كثير من الخواص بالأشياء ومعاني الألفاظ، ضرورة أن المركوز في الأذهان من تلك المعاني ليس إلا صورها النوعية.
نعم الجهل بها باعتبار صورته النوعية يستلزم الجهل بها باعتبار أجزائها المفصلة، كما أن العلم بها باعتبار أجزائها المفصلة يستلزم العلم بها باعتبار صورتها النوعية، فحينئذ قد يكون الماهية معلومة بمعلومية أجزائها المفصلة، ولازمه كونها معلومة باعتبار صورتها النوعية أيضا، وقد تكون مجهولة بمجهولية صورتها النوعية، ولازمه كونها مجهولة باعتبار أجزائها المفصلة أيضا، وقد تكون معلومة بتمام صورتها النوعية فقط دون أجزائها المفصلة، وقد تكون معلومة ببعض صورتها النوعية.
ومعيار الفرق بينه وبين سابقه، أنه قد يحصل في الذهن من الصورة النوعية ما ينطبق في الواقع على تمام الأجزاء المفصلة، وإن لم يبلغ فطنته إليها بحسب الظاهر، وهو العلم بها بتمام الصورة النوعية، وقد يحصل فيه منها ما لا ينطبق في الواقع إلا على بعض الأجزاء، وإن ذهل عنها كلا أو بعضا بالمرة، وهو العلم بها ببعض الصور النوعية.
أما القسم الأول فالعلم فيه تفصيلي لتعلقه بالماهية باعتبار معلومية أجزائها المفصلة، وهو الذي إذا تعلق بمسمى اللفظ أوجب الاستغناء عن الأمارات.
وأما القسم الثاني فالجهل المفروض فيه هو الجهل الساذج، الموجب للحاجة إلى التشبث بالأمارات التي تحرز بمراجعة الغير من العرف واللغة، ولا يمكن معه إحرازها بمراجعة النفس حذرا عن الدور المستحيل.