والاشتراك فيها نادر جدا، واشتراك الأفعال والحروف مما لا يجدي نفعا مع ذلك كذا عن النهاية (1) مع توجه المنع إلى الاشتراك في الأمور المذكورة، كيف ولو أريد به فيها ما ثبت بأمارات الوضع من تبادر أو نص لغوي أو غيرهما، ففيه: منع واضح حيث لم يوجد لأمارات الوضع في اشتراكها أثر، ولا شهادة به لما في كتب النحو بالقياس إلى الحروف، ولا لما في اللغة بالنسبة إلى الأسماء، لعدم اشتمال الأمرين إلا على أصل التعدد، وهو ليس بملزوم للاشتراك لوجوده في الحقيقة والمجاز، فإنهما كالمشترك من أقسام متكثر المعنى، ولا ريب أن اللازم الأعم غير صالح لأن يكشف عن ملزوم أخص.
وإن أريد به ما يستند إلى أصالة الحقيقة بالمعنى الأعم وأصالة الاشتراك التي هي قسم منها، ففيه: دور واضح، إذ الاشتراك فيها لا يعرف إلا بالأصل، والمفروض إن الأصل لا يعرف إلا بالاشتراك فيها، مع أن الثابت فيها على التحقيق عدم الاشتراك.
أما الحروف: فلأنها بأسرها حقائق في معانيها المعروفة التي يغلب استعمالها فيها ويكثر دورانها في الاستعمالات، كالإلصاق في " الباء " والابتداء في " من " والانتهاء في " إلى " والظرفية في " في " والجمع في " الواو " والتفريق في " أو " وهكذا إلى سائر الحروف، لأنها المتبادر منها عند الإطلاق وغيرها غير متبادر منها، مع ندرة الاستعمال فيها، ووقوع الخلاف بين أئمة اللغة في ثبوت أكثرها كما يشهد به التتبع.
وأما الأفعال: فالماضي والمستقبل وإن استعملا في الخبر والدعاء معا غير أن الاستعمال بالنسبة إلى الدعاء يرد على سبيل المجاز، لتبادر الخبر منهما عند الإطلاق وعدم تبادر غيره، بل الظاهر إنه محل وفاق عند أئمة اللغة، كما في كلام غير واحد من أساطين أهل الفن.