وثالثها: التفصيل المتقدم على طبق ما عرفت نقله عن السيد شارح الوافية وجعله مبنيا على أن المجاز مستلزم للحقيقة، فمع الاتحاد لا يمكن القول بمجازيته وأما مع التعدد فلما كان المجاز خيرا من الاشتراك فيؤثر عليه، ويترتب على ذلك لزوم استعمال أمارات الحقيقة والمجاز في التميز وحيث لم يتميز فالوقف.
ورابعها: الوقف مطلقا، نسبه إلى المشهور واختاره تعليلا بعدم دلالة الاستعمال على الحقيقة.
ولا يذهب عليك أن له في هذه النسبة موافقا، بل بالنسبة إلى مذهب الأكثر هي المعروفة بين الأصوليين كما يقف عليه المتتبع، حتى أن السيد شارح الوافية بعدما نفى الخلاف عن الدلالة على الحقيقة مع اتحاد المستعمل فيه، وأطنب في ترويجه وبالغ في تشييده، نقل هذه النسبة مع وجود القول بالوقف، بقوله:
وربما يتوهم من قول الفقهاء والأصوليين في مطاوي مباحث الفقه والأصول إن الاستعمال أعم من الحقيقة والمجاز، وإن العام لا دلالة له على الخاص، تحقق الخلاف في هذا المقام، وإن في المسألة قولا ثالثا وهو إن الاستعمال لا يدل على شيء من الحقيقة والمجاز مطلقا، سواء كان المعنى متحدا أو متعددا، وقد يتخيل مع ذلك إن هذا هو القول المشهور، حيث يرى ذلك الكلام متكررا في كتب الأصول، والخلاف مقطوعا به عند الأكثر... الخ.
ثم أخذ بتزييف هذا التوهم وتوجيه كلامهم المتكرر في الكتب الأصولية بما ستعرفه.
واعلم: أن النظر في اختلاف العبارات المذكورة في نقل الخلاف وأقواله ربما يوجب الشبهة في جهات:
منها: دخول الاستعمال مع اتحاد المستعمل فيه في موضع النزاع ومعقد البحث وعدمه.
ومنها: وجود القول بدلالة الاستعمال على مجازية المستعمل فيه وظهوره في المجاز، قبالا لمن يدعي ظهوره في الحقيقة وعدمه.