اللاحقة بلفظ في معنى طلبا لتبادره وعدمه، أو الاطراد وعدمه أو غيرهما مما تقدم، فإنه ليس من الاستقراء المقصود بالبحث حيث لا يقصد منه بنفسه استعلام حال اللفظ، وذلك كما في إثبات الوضع لهيئة " فاعل " مثلا، فإنه بملاحظة كون " ضارب " لمن قام به الضرب، و " عالم " لمن قام به العلم، و " فاضل " لمن قام [به] الفضل وهكذا إلى غالب أفراد اسم الفاعل من هذا الوزن، ينتقل إلى كون هذه الهيئة في ضمن أي مادة تحققت موضوعة لمن قام [به] المبدأ.
وكذلك في إثبات رفع الفاعل ونصب المفعول بعنوانهما الكلي، فإنه يعلم بتصفح الموارد الجزئية منهما، ومنه يعلم أن مورده الموضوعات الكلية الموضوعة بالأوضاع النوعية، والأمر المستعلم هو الوضع النوعي لا غير، فإن اتفق بعد الانتقال إلى حال الكلي مورد يشك في حكمه يلحق بالغالب، لا لأن الغلبة بنفسها يفيد ظن اللحوق، بل لأن الانتقال إلى حال الكلي يوجب الانتقال إلى حكمه بواسطة قياس ينتظم بطريقة الشكل الأول، كبراه تتحصل من الانتقال إلى حال الكلي وصغراه بفرض كون مورد الشك فردا له.
ومن هنا يعلم أن الإلحاق على هذا الوجه ليس من باب القياس كما قد يتوهم، وهو في غالب أفراده يفيد القطع وإن لم يكن تاما، كما لو علم حال التصفح بعدم وجود فرد للكلي مخالف للأفراد الغالبة في الحكم ولا كلام في اعتباره، وقد يفيد الظن، وفي اعتباره إذا أنيط به الحكم الشرعي حينئذ الكلام المتقدم في بحث حجية قول اللغوي.
فالوجه على ما تقدم منع العمل به إلا إذا اضطر إليه من جهة الاضطرار إلى العمل بمطلق الظن في الأحكام.
فما يقال - في وجه الحجية - من اتفاق أهل الحل والعقد كافة على العمل به، بل هو مما عليه بناء أساس الفنون الأدبية وأكثر المسائل الأصولية، حيث لا طريق لأربابها سواه، فلو بنى على عدم الاعتداد به لزم هدم أساس هذه الفنون بأجمعها، ومنه يلزم هدم أساس الشريعة بالمرة.