يتعلق الأمر والنهي بالأعيان الخارجية إلا بتأويلها بالأفعال المتعلقة بها، كما في قوله تعالى * (حرمت عليكم أمهاتكم) * و * (حرمت عليكم الميتة) * وقولنا يجب الخمس والزكاة وذلك ظاهر.
منها: انتفاء المفسدة فيه لنفسه ولغيره، لقبح الأمر بما فيه المفسدة، بل وبما لا مصلحة فيه إلا حيث يكون المصلحة في نفس الأمر، كما في الأوامر الابتلائية لتحقق الطلب فيها على الحقيقة كما عرفت.
منها: كونه ممكن الحصول على وجهه بالفعل، فلو كان ممتنعا لذاته أو لغيره امتنع تعلق الطلب به، سواء كان امتناعه بحكم العقل أو بحسب العادة، في حق عامة المكلفين أو بالنسبة إلى المكلف المخصوص، على الإطلاق أو في خصوص تلك الحال، في نفسه أو باعتبار مكانه أو زمانه، أو شئ من سائر القيود المأخوذة فيه.
وقد اتفق على ذلك كافة أصحابنا والمعتزلة، فإن معنى التكليف بالشئ هو استدعاء حصوله من المكلف، ولا يعقل تعلق القصد بوقوع ما لا يمكن وقوعه مع علم الآمر به، إلا على سبيل التمني وهو أمر آخر غير الطلب، ولأن التكليف به لغو لا يترتب عليه فائدة، بل هو قبيح بحسب العقل والعرف، وإنما يعد ذلك في نظر العقلاء من الجهل والسفاهة وسخافة الرأي.
واستدل عليه بامتناع تصور وقوع المحال فلا يمكن تعلق الطلب به، لتوقفه على تصوره من الآمر في طلبه، وإمكان تصوره من المأمور في امتثاله. أما الثاني فظاهر.
وأما الأول فقد يعلل تارة: بأنه لو كان متصورا لكان متميزا، ولو كان متميزا لكان ثابتا. فما لا ثبوت له لا تميز له، وما لا تميز له لا يكون متصورا.
وأخرى: بأن تصور المحال من حيث الوقوع يستلزم تصوره على خلاف ماهيته، فإن ماهيته ينافي ثبوته، فيكون ذاته غير ذاته ويلزمه انقلاب حقيقته، كما أ نا لو تصورنا أربعة ليست بزوج فقد تصورنا أربعة ليست بأربعة، فإن كل ما ليس بزوج ليس بأربعة.