حيث خصوصيته داخلا في الحكم الأول، لتأخر مورده عنه وانتفاء موضوعه حينئذ، لأن الإخبار بعدم وقوع التصديق المأمور به مسبوق بالأمر به ولو على سبيل التقدير، والأمر سابق عليه فلا يندرج فيه من حيث شخصه، على أن التصديق فرع وجود خبر سابق عليه ولو فرضا، فلا يندرج نفس الإخبار بوقوعه أو عدم وقوعه في متعلقه وإنما دخل فيه من حيث تحقق العموم في عنوانه، لتعلق الحكم بالعنوان الكلي، ولا يلزم فيه المحذور المذكور.
فالفرق بين المقامين هو الفرق بين الاجمال والتفصيل، كما يندفع به المصادرة المتوهمة في الشكل الأول فتأمل.
ومنها: قوله تعالى * (ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به) * حيث سألوا دفع التكليف بما لا يطاق، ولو كان ذلك ممتنعا لكان مندفعا بنفسه ولم يكن لسؤال دفعه عنهم معنى محصل.
ويؤكده قوله (عليه السلام): رفع عن أمتي تسعة أشياء أو ست خصال وعد منها ما لا يطيقون، لإشعاره بثبوته على الأمم السابقة.
واعترض تارة بحمله على رفع الحرج والمشقة.
وتارة بأن الآية الشريفة حكاية حال عن الداعين فلا حجة فيها.
وأخرى بمنافاته لمذهب الخصم من القول بالجبر في جميع الأفعال، إذ لا فائدة معه لتخصيصهم بذكر ما لا يطاق، فيرجع إلى سؤال رفع مطلق التكليف.
وضعف الجميع ظاهر، إذ الأول مجاز لا يصار إليه إلا بقرينة مفقودة في الكلام، ويلزمه أيضا أن يكون تأكيدا لما قبله، وهو خلاف الظاهر.
والثاني لا ينافي صحته مع وروده في معرض التقرير أو التعليم أو المدح، والمروي أن الداعي هو النبي (صلى الله عليه وآله) في ليلة المعراج.
والثالث لا ينافي اختلاف الأفعال في المقدورية وعدمها بحسب فهم العرف مع قطع النظر عن تلك الجهة، والمسألة مبنية عليه والألفاظ محمولة على المعاني العرفية دون الدقائق العقلية. فالوجه في الجواب حمل الآية الشريفة على ما رواه