لا يقال: قد يحصل له العلم قبل الفعل إذا كان الوقت متسعا، واجتمعت الشرائط عند دخول الوقت. وذلك كاف في تحقق التكليف.
لأ نا نقول: نحن نفرض الوقت المتسع زمنا زمنا، ونردد في كل جزء جزء، فإنه مع الفعل فيه، وبعده ينقطع، وقبل الفعل يجوز أن لا يبقى بصفة التكليف في الجزء الآخر، فلا يعلم حصول الشرط الذي هو بقاؤه بالصفة فيه، فلا يعلم التكليف. وأما بطلان اللازم فبالضرورة.
الثالث لو لم يصح، لم يعلم إبراهيم (عليه السلام) وجوب ذبح ولده، لانتفاء شرطه عند وقته - وهو عدم النسخ - وقد علمه وإلا لم يقدم على ذبح ولده ولم يحتج إلى فداء.
الرابع كما أن الأمر يحسن لمصالح تنشأ من المأمور به، كذلك يحسن لمصالح تنشأ من نفس الأمر. وموضع النزاع من هذا القبيل، فان المكلف من حيث عدم علمه بامتناع فعل المأمور به، ربما يوطن نفسه على الامتثال، فيحصل له بذلك لطف في الآخرة وفي الدنيا، لانزجاره عن القبيح. ألا ترى: أن السيد قد يستصلح بعض عبيده بأوامر ينجزها عليه، مع عزمه على نسخها، امتحانا له. والانسان قد يقول لغيره:
" وكلتك في بيع عبدي " مثلا، مع علمه بأنه سيعزله، إذا كان غرضه استمالة الوكيل أو امتحانه في أمر العبد.
والجواب عن الأول: ظاهر مما حققه السيد (رحمه الله)، إذ ليس نزاعنا في مطلق شرط الوقوع، وإنما هو في الشرط الذي يتوقف عليه تمكن المكلف شرعا وقدرته على امتثال الأمر. وليست الإرادة منه قطعا، والملازمة إنما تتم بتقدير كونها منه. وحينئذ فتوجه المنع عليها جلي.
وعن الثاني: المنع من بطلان اللازم. وادعاء الضرورة فيه مكابرة وبهتان. وقد ذكر السيد (رضي الله عنه) في تتمة تنقيح المقام ما يتضح به سند هذا المنع، فقال: " ولهذا نذهب إلى أنه لا يعلم بأنه مأمور بالفعل إلا بعد