الأمر حصول التكليف التعليقي حينئذ بالفعل، وليس ذلك بحسب الحقيقة تكليفا به، فإنه إنما يكون المخاطب به مكلفا بالفعل حين حصول ما علق التكليف عليه لا قبله مدفوع: بأن الوقت المعتبر في الواجب على وجهين، فإنه قد يكون شرطا للوجوب، والحال فيه على ما ذكرنا فلا يمكن أن يتقدمه الوجوب. وقد يكون شرطا للوجود، ولا مانع حينئذ من تعلق التكليف بالفعل قبله فيكون المكلف مخاطبا به مشغول الذمة بأدائه في وقته، غير أنه لا يمكن أداؤه قبل الزمان المفروض، لكونه شرطا في وجوده، كما هو الحال بالنسبة إلى مكان الفعل لمن كان نائيا عنه حسب ما مر بيانه في مقدمة الواجب، ويكشف الحال في ذلك ملاحظة حقوق الناس، فإنه قد يعلق اشتغال الذمة بها على حصول شئ، كما إذا ثبت الخيار في البيع مع قبض البائع للثمن.
وبالجملة: فإن اشتغال ذمته بالثمن بمال (1) مؤجل فإن ذمته مشتغلة بالفعل وإن تأخر وقت أدائه.
ويمكن أن يجاب أيضا عن أصل الإيراد: بأن ما يتوقف عليه الشرط المفروض إنما هو التكليف الواقعي، والمبحوث عنه في المقام هو التكليف الظاهري، ومرجع البحث في ذلك إلى كون التكليف الظاهري تكليفا حقيقيا أو صوريا مجازيا، فالقائل بجوازه في المقام يقول بالأول، والمانع منه يقول بالثاني، وعلى هذا يمكن تصور البحث بالنسبة إلى الزمان الواحد أيضا، إلا أن الوجه المذكور غير سديد كما يتضح الوجه فيه إن شاء الله.
ويمكن أن يقال أيضا: إن المراد بالشرط في المقام ما يتوقف عليه كل من وجوب الفعل ووجوده في الواقع، والمراد بانتفاء الشرط انتفاؤه بغير اختيار المكلف وقدرته.