فما ذكر من أن أحدا لا يمنع من تعلق تكليف آخر فيما بعد الغاية بمثل الأول وأنه خارج عن المسألة محل منع، إذ لا يعقل القول بثبوت الحكم فيما بعد الغاية بنفس الخطاب الأول، وإنما يثبت لو ثبت بخطاب آخر، وحينئذ فمن البين أن ما تعلق به أحد الخطابين مخالف لمتعلق الخطاب الآخر، فإذا كان مثل ذلك خارجا عن محل النزاع فينبغي انتفاء النزاع في البين، إذ القائل بالمفهوم على ما ذكر إنما يقول بانتفاء الحكم عما بعد الغاية بحسب الخطاب الأول، والمنكر إنما يقول بجواز ثبوته بخطاب آخر، فلا يكون شئ منهما حينئذ محلا للنزاع، وهو كما ترى، إذ الحال في جميع القيود الواقعة في الكلام على ما ذكر، فلا اختصاص لبعض القيود من بينها بإفادة المفهوم، فلا يكون مدلول الخطاب الآخر معه خارجا عن محل المسألة، وإنما يحصل المعارضة إذا بين الخطابين، ولذا نصوا على دلالة الغاية على مخالفة ما بعدها لما قبلها. هذا، وقد تقدم الكلام في تحرير محل النزاع في المسألة، فلا حاجة إلى إعادته.
الخامس: أن التقييد بالغاية راجع إلى التعليق على الوصف، كما يأتي في كلام السيد والشيخ وغيرهما. ونص عليه الشهيد وغيره لرجوعه إلى قيد الموضوع، فالمثال المذكور يجري مجرى قولك: " صم صياما آخره الليل " ومعناه مطلوبية الصيام الموصوف بكونه منتهيا إلى الليل، فما عداه موضوع آخر خارج عن مدلول الخطاب، ولم يتعرض فيه بنفي ولا إثبات، كما هو قضية القول بنفي مفهوم الوصف، فمجرد كون أداة الغاية موضوعة لما يفيد معنى الآخر لا يكفي في الدلالة على انتفاء الحكم فيما بعدها، إنما تدل على كون الغاية آخرا للمتعلق المذكور في الخطاب، وهو أمر بين لا يقبل الارتياب، ولا ربط له بمقصود المستدل.
نعم، لو كان المتكلم في مقام بيان الحكم دل على المقصود بمفهوم البيان، كما مر في مفهوم الوصف.
وفيه أولا: أن الكلام في مفهوم الوصف إنما هو في مجرد التقييد بالوصف مع قطع النظر عن خصوصيات الأوصاف، فلا مانع من وقوع نزاع آخر في بعض