على تقييد الحكم المغيا بالقيد المذكور، فيكون معنى قولك: " جلس زيد إلى الظهر " انتهاء خصوص الجلوس المقصود بالبيان بخصوص الوقت المفروض، ومن المعلوم خروجه عن مدلول الكلام، فإن الظاهر كون الظهر غاية لمطلق الجلوس فيجب انتفاؤه فيما بعدها، لظهور الحكم المغيا في المطلق، واستعماله في الخصوصية المفروضة مجاز لا يصار إليه إلا بقرينة قوية، لكونه في غاية البعد عن مدلول اللفظ، فيكون مفاده انتهاء مطلقه بحصول تلك الغاية. ولو فرض هناك قيام قرينة على إرادة الخصوصية من نفس المغيا لكان ذلك خارجا عن محل المسألة، إذ لا كلام في عدم دلالة مثله على انتفاء مماثله وانقطاع نوعه، وإنما الكلام في انتفاء المعنى على ما هو عليه من الإطلاق أو التقييد.
الرابع: أنا لا نسلم أن قولك: " صم إلى الليل " في معنى: آخر وجوب الصوم الليل، إنما معناه: أني أريد منك الإمساك الخاص في الزمان المخصوص الذي أوله الفجر وآخره الليل. ومن البين أن مطلوبية الإمساك في القطعة الخاصة من الزمان لا يستلزم عدم مطلوبيته في غيرها، فيجوز أن يكون في غير تلك القطعة مطلوبا أيضا، وإنما سكت عنه لمصلحة اقتضت ذلك للقطع بجواز تعلق خطاب آخر بذلك.
غاية الأمر دلالة اللفظ على أن الصوم المطلوب بذلك الخطاب مبدؤه الفجر، وآخره الليل، وهذه الدلالة ثابتة في جميع القيود المذكورة في الكلام، سواء تعلقت بنفس الحكم أو بموضوعه، أوصافا كانت أو ألقابا، للقطع بأن الحكم الثابت بذلك الخطاب لا يتعداها، مع ما حكي من الاتفاق على عدم اعتبار مفهوم اللقب، وذهاب الأكثر إلى مثله في الوصف والغاية أيضا من جملة القيود الواقعة في الكلام فلا يفيد أكثر مما يفيده سائر القيود.
وقد يجاب عنه: بأن فرض ثبوت الحكم فيما بعد الغاية بخطاب آخر يستلزم أحد الأمرين: من الخروج عن محل النزاع، أو نسخ الأول، وهو أيضا خارج عن محل المسألة، مع ما فيه من امتناعه في زمان الأئمة، بل وما قبله قبل حضور وقت