لا بمعنى أن اثبات المعنى المذكور بنفسه من دلالة المنطوق، بل بمعنى أن ملزومه مدلول المنطوق.
وقد يورد على الأول: بأن القول بكونه من المنطوق ضعيف جدا، والقائل به لم يستند إلى الوجه المذكور، بل توهم ذلك من جهة أخرى سنشير إليها إن شاء الله، وإنما المعنى المذكور عندهم مدلول التزامي للتعليق بحسب العرف واقع في غير محل النطق فلا يخرج عن حد المفهوم.
وعلى الثاني: بأن ظاهر الاحتجاج المذكور كون المعنى المذكور مدلولا لمنطوق الكلام بحسب الوضع اللغوي من غير واسطة أمر آخر، إذ لا معنى للأول والآخر والابتداء والانتهاء إلا حدوث الأمر بالأول وانقطاعه بالثاني، وهو معنى الانتفاء عند الانتفاء، فإذا كانت الأداة موضوعة للمعنى المذكور دلت بمنطوقها على الانتفاء فيما بعدها، إذ المفهوم أمر خارج عن مدلول اللفظ ولا يتناوله الوضع، وإنما يستفاد منه بواسطة اللزوم، ألا ترى أن قولك: " الليل آخر وجوب الصوم " يدل بمنطوقه على انتفائه فيما بعده من غير أن يكون ذلك بتوسط أمر آخر، فكذا الحال في الأداة الموضوعة لذلك.
وفيه: أنا لا نعني بالمفهوم إلا إثبات الحكم المذكور في الكلام للموضوع الغير المذكور فيه، أو نفيه عنه، كما مر بيانه. ومن البين أن ما بعد الغاية غير مذكور في الكلام كما قبل البداية، وإلا لزم اشتماله على جميع الأزمنة أو الأمكنة مثلا، فلا يكون نفي الحكم المذكور عنه إلا من باب المفهوم، غاية الأمر كون اللزوم في ذلك من البين بالمعنى الأخص، كملازمة ما يدل على الشرط والحصر لمعنى الانتفاء، وهو ظاهر.
نعم، لو قال: " الفجر أول الصوم والليل آخره " كان ذلك من المنطوق، كما لو قال: الطهارة شرط للصلاة، بخلاف ما لو قيل: صم مبتدئا من الفجر منتهيا إلى الليل.
الثالث: أنه إن أراد بآخر وجوب الصوم ما ينتهي إليه وينقطع عنده فهو عين