قوله: * (لو جاز (1) التأخير... الخ) *.
يمكن تقرير الاستدلال المذكور بنحو آخر، وهو أنه لو لم يكن الأمر المطلق يفيد الفور لجاز التأخير، والتالي باطل فالمقدم مثله، والملازمة ظاهرة وأما بطلان التالي فلأنه لو جاز التأخير فإما أن يجوز إلى غاية معينة أو غير معينة أو يجوز التأخير دائما، والوجوه الثلاثة باطلة، فالمقدم مثلها، والملازمة ظاهرة، إذ جواز التأخير لا يخلو عن أحد الوجوه المذكورة.
ويدل على بطلان الأول أنه لا بيان في المقام، إذ ليس في نفس اللفظ ما يفيد تعيين الوقت ولا من الخارج ما يفيد ذلك، ولو كان دليل على التعيين لخرج عن محل الكلام والثاني يستلزم التكليف بالمحال، إذ مفاده المنع من تأخر الفعل عن وقت لا يعلمه المكلف والثالث قاض بخروج الواجب عن كونه واجبا، لجواز تركه إذن في كل زمان وما يجوز تركه كذلك فلا يجب فعله قطعا.
وبتقرير آخر: لو جاز التأخير فإما أن يجوز مع الإتيان ببدل يقوم مقامه - أعني العزم على الفعل فيما بعده - أو يجوز من دونه والتالي بقسميه باطل. أما الأول فلأن الإتيان بالبدل يقتضي سقوط التكليف بالمبدل على ما هو شأن الواجبات التخييرية، وليس كذلك إجماعا. وأما الثاني فللزوم جواز تركه لا إلى بدل فيلزم خروجه عن كونه واجبا، إذ ليس غير الواجب إلا ما جاز تركه بلا بدل.
ويرد على الأول أنه إن أريد بالغاية المعينة أو المجهولة بالنسبة إلى المخاطب أو الواقع، فإن أريد الأول اخترنا الثاني وإن أريد الثاني اخترنا الأول، لأ نا نقول بعدم جواز تأخيره عن غاية معينة في الواقع غير معينة عندنا، وهو آخر أزمنة الإمكان، ولا يلزم فيه تكليف بالمحال، وإنما يلزم ذلك لو وجب التأخير إلى غاية مجهولة. كذا ذكره المصنف في الجواب عن الاستدلال، وسيجئ الكلام فيه.
وعلى الثاني جواز اختيار كل من الوجهين، أما الأول فيكون العزم بدلا عن الفور لا عن نفس الفعل، وأما الثاني فبأنه لا وجوب لخصوصية إيقاعه في