ومنها: نظير ما مر في الآية المتقدمة أيضا، فإن الخيرات جمع محلى يفيد العموم، وهي شاملة للواجبات والمندوبات إلى آخر ما ذكرنا.
ومنها: أن مفاد الاستباق هو مسابقة البعض الآخر في أداء الخيرات والتسابق عليها دون مطلق الإسراع إلى الفعل ليراد به الفور، فلا يوافق المدعى، ولا بد إذن من حملها على الندب، إذ لا قائل بوجوب المسابقة على الطاعات على الوجه المذكور، وقد يذب عنه بأنه لما كان ظاهر الآية الوجوب ولم يكن الاستباق على الوجه المذكور واجبا قطعا فيصير ذلك قرينة بحمل الاستباق على مطلق المسارعة، وهو كما ترى.
قوله: * (فإنهما يتصوران في الموسع دون المضيق) *.
لا يخفى أنه قد يؤخذ الزمان في الفعل على وجه لا يتصور الإتيان بذلك الفعل في غير ذلك الزمان، كما في " صم يوم الجمعة " إذ لا يعقل إيقاع ذلك الواجب في غير ذلك الزمان.
وقد يؤخذ الزمان شرطا لصحة إيقاع الفعل من غير أن يؤخذ مقوما لمفهومه، فيمكن تأخر الفعل عن ذلك الزمان إلا أنه لا يتصف بالصحة.
وقد يكون إيقاعه فيه واجبا ويكون التأخير عنه حراما إلا أنه لا يفوت الواجب بفوات ذلك الوقت، فيكون نفس الفعل واجبا مطلقا وجعل إيقاعه في ذلك الوقت واجبا.
وقد يكون على وجه الرجحان.
وقد لا يكون خصوص الزمان مأخوذا فيه فيتساوى نسبته إلى الأزمنة.
وما لا يتحقق فيه المسارعة والاستباق إنما هو القسم الأول خاصة، وأما الأقسام الأربعة الباقية فلا مانع من صدق المسارعة بالنسبة إليها، وإن وجب الإقدام على الفعل حينئذ ولم يجز التأخير عنه في الصورتين الأوليين منها، بل لم يصح مع التأخير في الأولى منها، ألا ترى أنه يصح أن يقال: إنه " سارع إلى الحج " إذا حج في السنة الأولى من وجوبه عليه ويقال: " إنه سارع إلى أداء دينه " إذا أداه