فإن كان الأول دل التقييد بالغاية على القول بالمفهوم على ثبوت ذلك الشئ فيما بعدها، وإلا لاستمر النفي السابق بعينه، وهو خلاف مدلول الغاية. وإن كان الثاني:
فإما أن يكون من الأمور الخارجية، أو من الأحكام الوضعية، أو الطلبية. وعلى التقادير ففي التقييد على هذا القول دلالة على زوالها وانتفائها فيما بعد الغاية وإن وجد ما يماثلها، وذلك أن المماثل أمر حادث لا يوجد إلا بسبب جديد، فيغاير الأمر الحاصل بالسبب الأول، فكلما كان ثبوته فيما بعد الغاية على تقديره مستندا إلى علة حصوله فيما قبلها لولا المانع كان عين الأول، وإن اختلفا في طريق الإثبات فالغاية إذا مانعة من دوامه، رافعة لاستمراره، فالتقييد بها عند المثبت يدل على ارتفاعه، وعند النافي إنما يفيد اقتصار المتكلم على بيانه مع سكوته عن إفادة غيره، لعدم تعلق الغرض به، أو لحصول مانع منه، أو لقصده استفادة بقائه من دليل آخر من استصحاب أو غيره.
وأما إذا كان البقاء على تقديره مستندا إلى علة أخرى غير علة الثبوت كان الثاني مغايرا للأول على الحقيقة، مماثلا له في النوع، فإن رجع إلى الاتحاد العرفي كان كالأول في الدلالة على النفي، إذ المدار فيها على فهم العرف، وإلا لم يكن في التقييد دلالة على انتفاء المماثل بغير ضميمة الأصل، كوجوب القتل بالقصاص المقيد بغاية العفو ووجوبه بالردة، وكذا غير ذلك من الأمور المستندة إلى أسباب جديدة المغايرة في العرف للأمر الثابت في الأول.
هذا، ولا يذهب عليك أن دلالة التقييد بالغاية على المفهوم عند القائل به إنما يتبع المنطوق، فإن كان الحكم المغيا قسما مخصوصا من الطلب، أو مبنيا على خصوص ما ذكر من السبب كما في المثالين المذكورين دل على انتفائه فيما بعدها دون نوع الطلب، فإن أقصى ما يفيده مفهوم المخالفة انتفاء الحكم المنطوق به، فإذا كان ذلك حكما مخصوصا وأمرا مقيدا دل على انتفاء ذلك الحكم الخاص والأمر المقيد بجميع قيوده وخصوصياته، فلا يدل على انتفاء الحكم الأعم والأمر المطلق. وإن كان الحكم المفروض جنس الطلب دل المفهوم على انتفائه، فيفيد