ثانيها: عدهم الصفات من المخصصات المتصلة للعمومات، ولا خلاف لهم في ذلك في مباحث التخصيص، وهذا بظاهره مناف لما ذكر من انتفاء الدلالة في المقام.
وفيه ما عرفت من الفرق الظاهر بين تخصيص اللفظ بمورد الصفة وتخصيص الحكم به بحسب الواقع، بأن يدل على ثبوت الحكم لغيره بحسب الواقع، والذي يدل عليه التقييد المذكور هو الأول خاصة، وهو مرادهم في مقام عده من المخصصات، والملحوظ في المقام هو الأمر الثاني، وهو يمكن اجتماعه مع الأول وعدمه.
فإن قلت: إنهم عدوا ذلك في عداد سائر المخصصات المتصلة، كالاستثناء والشرط والغاية، وهي تدل على انتفاء الحكم في المستثنى، ومع انتفاء الشرط، وفي ما بعد الغاية، وليس مفادها مقصورا على مجرد رفع الحكم المدلول عليه بالعبارة حسب ما ذكر والظاهر كون الجميع من قبيل واحد، أو أن ذلك هو المراد بكونه من المخصصات.
قلت: ليس المراد من عد المذكورات من المخصصات إلا ما ذكرناه، وأما دلالتها على انتفاء الحكم المذكور بحسب الواقع بالنسبة إلى المخرج فهو أمر آخر لا دخل له بذلك، ولذا وقع الخلاف فيها بالنسبة إلى كل منها مع اتفاقهم على كونها من المخصصات، فإنه قد خالف أبو حنيفة (1) ومن تبعه في الاستثناء من المنفي، والخلاف في مفهوم الشرط والغاية معروف.
ثالثها: ما اتفقوا عليه من لزوم حمل المطلق على المقيد مع اتحاد الموجب، كما إذا قيل: " إن ظاهرت فأعتق رقبة "، و " إن ظاهرت فأعتق رقبة مؤمنة " فإنه لا إشكال عندهم حينئذ في وجوب حمل المطلق على المقيد مع أنه لا معارضة بينهما ليفتقر إلى الحمل إلا مع البناء على دلالة المقيد على انتفاء الحكم بانتفاء