الآخر عليه، إذ رب مفهوم يترجح على المنطوق، ومع الغض عنه فقد يكون الدليل من ذلك الجانب أيضا مفهوما، فلا بد من ملاحظة المرجح بينهما على القول بحجيته، بخلاف ما لو قلنا بسقوط المفهوم.
وزاد بعض الأفاضل في المقام: أنه إذا كان المفهوم حجة كان الحكم المستفاد منه مأخوذا من قول الشارع فلا حاجة في إثباته إلى الاجتهاد، بخلاف ما لو بنى على الرجوع إلى مجرد الأصل، فإن الأخذ بمقتضاه يتوقف على الاجتهاد واستفراغ الوسع في البحث عن الدليل المخرج عنه، ولا يجوز الأخذ بمقتضاه قبل الفحص عن الدليل، فإن الأصل عام، والعمل بالعام قبل الفحص عن المخصص غير جائز.
وأنت خبير بوهن هذه، فإن كلا من العمل بالأصل والنص عندنا يتوقف على الاجتهاد وبذل الوسع، ولا ينهض شئ منهما حجة قبل الاجتهاد وبذل الوسع، فلا فرق بينهما في ذلك بالنسبة إلينا، غاية الأمر حصول الفرق بينهما كذلك في أول الأمر بالنسبة إلى المشافهين ومن بحكمهم، حيث إنه لا حاجة بعد السماع من المعصوم إلى بذل الوسع في ملاحظة المعارضات وغيرها في العمل بقوله (عليه السلام)، بخلاف الأخذ بالأصل المذكور ونحوه، ولا يجري ذلك بالنسبة إلينا حسب ما فصل القول فيه في محله.
ثم لا يذهب عليك أن ما تقدم من الإيراد بإثبات الثمرة في الصورة الثانية أيضا غير جيد، فإنه إنما يترتب تلك الثمرة في مواضع نادرة، ومقصود صاحب الوافية كون معظم الثمرة في صورة المخالفة للأصل، كما أشار إليه في كلامه، لا انحصار الفائدة فيه مطلقا حتى يورد عليه بإمكان ترتب ثمرة أخرى من تلك الجهة.
نعم، ما ذكره من بيان منشأ الغفلة في المقام فهو موهون جدا، لوضوح الفرق بين استفادة الحكم من اللفظ أو الأصل، وظهور عدم الفرق في الفهم المذكور بين كون الحكم موافقا للأصل أو مخالفا، فإن فهم توقف الجزاء على الشرط وانتفاءه بانتفائه حاصل في الصورتين.
* * *